١٢٥٨٧ - ومما ألحقه الأصحاب بقبيل التبرع البيعُ نسيئة من المليء الوفى، وإن فُرض تأكيد الثمن بوثيقة الرهون، وهذا فيه بعض الغموض؛ فإن مثل هذا مما نجوّزه للقيّم، أو للأب، في مال الطفل مع شدة العناية بالنظر له، ورعايةِ نهاية الغبطة.
والذي أراه أن هذا لا يُخَرَّجُ على قانون المذهب في منع الوكيل المطلق عن البيع نسيئة؛ فإنا نُدير أطراف تلك المسألةِ على العادة إذا اطردت، وعليها إذا اضطربت، والمالك للأمر هو الموكِّل، وليس المكاتَب متصرفاً للسيد، حتى يُحمَلَ تصرفُه على ما يقترن بالإذن المطلق من العادات، ولكن الوجه فيه أن رفع اليد عن المبيع غررٌ في الحال، والكسبُ حقُّ السيد، وإنما أثبت الشرع للمكاتب التصرفَ فيه على شرط ألا يركب غرراً ناجزاً، ورفعُ اليد عن المبيع غرر، وفيه تحقيق للضرر على ارتقاب فائدةٍ في العاقبة، وهذا تصرف من المكاتب في الكسب، حقُّه أن يكون للمولى بما يقطع السلطان عنه في الحال، ويستبدل عن النقد وعداً قد يُخلف.
وليس تصرفه كتصرف الولي في مال الطفل؛ فإنه محمول على ما يعدّ مصلحة، والبيع الموصوف يُعدُّ مصلحةً، والمكاتب لم ينصبه الشرع ناظراً، والكسب في الحقيقة ليس له؛ فلينحصر تصرفه على أمر ناجز يكون ذريعةً إلى تحصيل العتق، والدليل عليه أن المريض إذا باع نسيئة طال نظر الفقيه في اعتبار تصرفه من الثلث، على تفاصيلَ قدمناها في الوصايا، والسبب فيه أنه في الثلثين متصرفٌ في حق الورثة، فلم ينصبه الشرع ناظراً لهم، فهذا تحقيق ما أردناه.
والذي أراه القطعُ بأنه يبيع العَرْضَ بالعَرْض؛ إذ لا [غرر](١) والمالية هي المرعية، بخلاف الوكيل؛ فإن أمره مفارقٌ لأمر المكاتَب، والمريض ينفذ منه بيع العَرْض إذا عريت الصفقة عن غبينة.
١٢٥٨٨ - وأما إذا أراد أن ينكح، فلا شك أن النكاح يجر إليه مؤناً، ويُلزمه في الحال المهر، وليس مستبدِلاً عنه مالاً على الحقيقة، ولكن الحاجة قد تمسّ، فاضطرب أصحابنا: فمنهم من نزّل نكاحه منزلةَ التبرعات في الاستقلالِ، والصدورِ