للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا تعويل على ما ذكرناه، والمذهب القطع بأن جناية الإنسان على نفسه مهدرة؛ فإنا إنما نقدّر التحملَ بعد اعتقاد وقوع الفعل [مضموناً] (١)، ويبعد أن تكون جناية الإنسان على نفسه مضمونة.

١٠٧٩٠ - ثم ظهر اختلاف الأصحاب أن من قتل نفسه هل تجب الكفارة في تركته؟ وهذا الخلاف متجه؛ لأن الكفارة تجب للجناية على حق الله، [وحقُّ الله] (٢) في دم من قتل نفسَه ثابت [فلا] (٣) يمتنع أن يلتزم الكفارة، ومن لم يوجب الكفارة اعتصم بأن الفعل في وضعه مهدَر، وضمان الكفارة يتبع فعلاً مضموناًً. وهذا قولٌ لا يتجه؛ فإنا قد نوجب الكفارة المحضة، وسيأتي شرح هذا في باب الكفارة.

[باب عقل الموالي] (٤)

قال الشافعي: "ولا يعقل الموالي المعتقون ... إلى آخره" (٥).

١٠٧٩١ - اسم المولى ينطلق على المعتِق مستحق الولاء، وعلى المعتَق الذي عليه الولاء، وللمولى معانٍ لسنا لاستقصائها في وضع اللسان، ثم سمى الفقهاء المعتِق الذي هو مستحق الولاء المولى الأعلى، وسمَّوْا المعتَق الذي عليه الولاء المولى الأسفل، ولا خلاف أن المولى الأعلى يتحمل العقل عن المولى الأسفل، ولا خلاف -إذا أفضى التحمُّلُ إليه- على الترتيب الذي ذكرناه من قبلُ، ولست أضمن الآن بيان وجوه الولاء والأحكام المتعلقة بها في هذا المقام، ولا فيما قدمنا، وسيحصل كمال الوضوح وشفاء الغليل في باب الولاء من كتاب العتق.

والمولى الأسفل هل يتحمل العقل عن المولى الأعلى؟ على قولين: أحدهما - أنه


(١) في الأصل: "مضروباً".
(٢) زيادة من المحقق.
(٣) في الأصل: "ولا".
(٤) عنوان الباب هذا غير موجود بالأصل، ويبدو أنه كان مكتوباً بالحمرة، فلم يظهر في التصوير.
(٥) ر. المختصر: ٥/ ١٤١.