للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

قال: "ولا تحمل العاقلة ما جنى الرجل على نفسه ... إلى آخره" (١).

١٠٧٨٩ - إذا كان الرجل يتعاطى أمراً، فأفضت آلةٌ كانت في يده إلى طرفٍ من أطرافه، وأفسدته، فهذه جناية منه على نفسه، وهي هَدَرٌ، وقال أحمد (٢) وإسحاق: إذا جنى على طرف نفسه جناية خطأ، وجب الأرش على عاقلته له، [يستوفيه] (٣) منهم لنفسه، وإن قتل نفسه مآلاً، وجبت الدية على عاقلته للورثة. وحكى صاحب التقريب قولاً مخرجاً قديماً في الغريب (٤) عن الشافعي أنه قال: جناية الرجل على طرف نفسه خطأٌ مضروب على عاقلته يستوفي أرشَها لنفسه، وهذا على نهاية البعد، لم أره منقولاً إلا [عن] (٥) طريق صاحب التقريب، والممكن في توجيهه أن العاقلة ألزمت أرش جناية الإنسان، حتى كأنهم جَنَوْا بأنفسهم، فموجب الشرع أنه لا يغرم إلا من تعلق به سبب الغرم، فإذا كانوا يتحملون أرش جنايته على

غيره، حتى كأنهم جنَوْا بأنفسهم، فإذا فرضت الجناية من الإنسان على نفسه، قُدّر كأنها صدرت من العاقلة، ولو كان هذا القول منقولاً في قتل الإنسان نفسه خطأ، لكان أوقع إذا فرعنا على أن الدية للقتل تجب للورثة ابتداء، فيكون في قتله نفسه في حكم جانٍ على ما هوحق غيره.

ولكن صرّح صاحب التقريب بنقل القول في الطرف، ولا شك أنه إذا أجراه فى الطرف يجريه فيه إذا قتل نفسه، بل هذا أولى.


(١) ر. المختصر: ٥/ ١٤١.
(٢) ر. رؤوس المسائل الخلافية للعكبري: ٥/ ٥٢٣ مسألة ١٧٦٤، المغني: ١٢/ ٣٣.
(٣) في الأصل: "يستوفها".
(٤) كذا. ولعلها "في التقريب"، ولم يحك هذا الوجه أحدٌ من أئمة المذهب الذين اطلعنا على كتبهم، لا الغزالي في (البسيط)، ولا الرافعي في (الشرح الكبير)، ولا النووي في (الروضة)، ولا البغوي في (التهذيب)، ولا العِمراني في (البيان).
(٥) في الأصل: "في".