وإني -على نهجي الذي انتهجت منذ أول كتاب نشرت- أدعو النقاد إلى إظهاري على أوهامي فيها، وتبيين ما دق عن فهمي من معانيها، أو ندَّ عن نظري من مبانيها؛ وفاءً بحق العلم عليهم، وأداءً لحق النصيحة فيه، لأبلغ بالكتاب فيما يستأنف من الزمان، أمثل ما أستطيع من الصحة والإتقان.
والنشر فنٌ خفيّ المسالك، عظيم المزالق، جمّ المصاعب، كثير المضايق، وشواغل الفكر فيه متواترة، ومتاعب البال وافرة، ومُبهظات العقل غامرة، وجهود الفرد في مضماره قاصرة؛ يؤودها حفظ الصواب في سائر نصوص الكتاب؛ ويُعجزها ضبط شوارد الأخطاء، ورجعها جميعاً إلى أصلها؛ فيأتي الناقد وهو موفور الجمام فيقصد قصدها، ويسهل عليه قنصها.
ومن أجل ذلك قلت -وما أزال أقول-: إنه يجب على كل قارئ للكتب القديمة أن يعاون ناشريها بذكر ما يراه فيها من أخطاء؛ لتخلص من شوائب التحريف والتصحيف الذي منيت به، وتخرج للناس صحيحةً كاملةً.