هذه أهم سمات وملامح منهج إمام الحرمين في مصنفاته بصفةٍ عامة وسنفرد فصلاً لملامح شخصيته وسمات منهجه في كتابه هذا بخاصة.
...
رابعاً: تلاميذه:
يظهر أثر إمام الحرمين رضي الله عنه في مجال آخر، حيث لمع اسمُه في تاريخ الفقه الإسلامي بصفته أستاذاً ومعلِّماً، وهذه منزلة لا تتاح لكل عالم، فقد يكون الرجل فقيهاً باحثاً يترك أعظمَ المؤلفات، ولكن لا يكون له في تربية الفقهاء وتخريج المتفقة شأن، ولم يكن إمام الحرمين من هؤلاء، فقد تولى التدريسَ وهو في نحو العشرين من عمره، فما إن استحصدت خبرته، ونضِجت معارفُه، وذاع صِيتُه، حتى صارت حلقته كعبة يشد إليها الرحال طالبو الفقه من أنحاء العالم الإسلامي، وحين تربع على عرش المدرسة النظامية بنيسابور التي بناها (نظام الملك) باسمه، صارت نظامية نيسابور ميدان بحث ومناظرة، تخرج فيها على يد إمام الحرمين من الأئمة ما تزدهي بهم نيسابور، ويزهو بهم الفقه الإسلامي إلى اليوم.
ولو رحنا نعد هؤلاء الأعلام الذين ذكرت الكتب أنهم تفقهوا بإمام الحرمين -وناهيك بمن لم تذكر- لطال بنا الكلام، ولاستعصى علينا الحصر والإحصاء، ألم يقولوا: إنهم كانوا عند وفاته نحو أربعمائة تلميذ، ولذلك يكفي أن نذكر منهم:
حجة الإسلام الغزالي، والكيا الهراسي، والخَوافي (١)، والباخرزي، وعبد الغافر الفارسي، وقالوا عنه: أورثته صحبة إمام الحرمين فناً من الفصاحة، وأكسبته إياه سهراً حُمد صباحُه.
ومنهم: الإمام أبو نصر، عبد الرحيم بن الإمام عبد الكريم القشيري.
ومنهم: هاشم بن علي بن إسحاق بن القاسم الأبيوردي، وغانم الموشيلي، وعبد الكريم بن محمد الدامغاني، وعبد الجبار بن محمد بن أبي صالح المؤذن،
(١) نسبة إلى (خَواف) بفتح الخاء المعجمة، وفي آخرها الفاء بعد الواو والألف (الأنساب للسمعاني).