للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب سنة الوضوء]

٧٦ - ذكر الشافعي في هذا الباب (١) سننه وفرائضه. وابتدأ بغسل اليدين ثلاثاً في ابتداء الوضوء.

فيستحب للمتوضىء أن يغسل يديه ثلاثاً، قبل غمسهما في الإناء. قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا استيقظ أحدكم من نومه، فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلهما ثلاثاً؛ فإنه لا يدري أين باتت يده " (٢). خاطب بهذا العربَ، وكانت قد تقتصر في الاستجمار على الأحجار لعزّة الماء عندهم. وربما كانت تطوف أيديهم على ما تحت الإزار، أو على بثراتٍ [بأبدانهم] (٣)، فتتنجس وهم لا يشعرون، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بغسل اليدين قبل غمسهما احتياطاً واستظهاراً.

ثم قال الأئمة: هذه السنة قائمة، وإن استيقن المرءُ طهارة يديه، ولا فرق بين أن يستيقظ من نوم، وبين أن يُقدم على الوضوء عن دوام اليقظة. والذي يحقق هذا أنه عليه السلام ذكر إمكان تَطواف اليد على البدن، وقد يوجد ذلك من المستيقظ في غفلاته، ولعل ذلك أكثر وقوعاً من المتيقظ في تصرفاته وحركاته. وإنما جرى ذكرُ النوم؛ لأنه مظنة الغفلة غالباً، وفي ذكر السبب المترتب على النوم ما يشعر بتعميم المعنى.


(١) في الأصل: في هذا الباب في سننه وفرائضه. وفي (م)، (ل): كيفية الوضوء في هذا الباب في سننه ... الخ.
(٢) حديث " إِذا استيقظ أحدكم ... " متفق عليه، ورواه مالك والشافعي وأحمد وأصحاب السنن كلهم في الطهارة عن أبي هريرة، واللفظ لمسلم، قال الماوردي وغيره: لم يقل البخاري ثلاثاً. (ر. البخاري: الوضوء، باب الاستجمار وتراً، ح ١٦٢، مسلم: الطهارة، باب كراهة غمس المتوضىء وغيره يده المشكوك في نجاستها في الإناء قبل غسلها ثلاثاً، ح ٢٧٨، فيض القدير، تلخيص الحبير بهامش المجموع: ١/ ١٩٧).
(٣) في الأصل: بأيديهم، والمثبت تقدير منا صدقته (م) و (ل).