للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب الدعوى على كتاب أبي حنيفة]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وإذا أقام أحدهما البينة أنه اشترى هذه الدار ... إلى آخره " (١).

١٢٢٧٨ - مضمون الباب مسائل أخذها الشافعي من كتب أصحاب أبي حنيفة، وخرّجها على قياس مذهبه، فأودعها المزني هذا الباب.

والمسألة الأولى منها صورتها: أن يأتي خارجيان، وتداعيا داراً في يد إنسان، وأقام كل واحد منهما بينة أنه اشترى هذه الدار من صاحب اليد، ونقد له الثمن، ووفّاه إياه كَمَلاً، مثل أن يقول أحدهما: اشتريت هذه الدار منك بمائة، فسقتها إليك، وقال الآخر: اشتريتها منك بمائتين، ووفّيتك الثمن، وأقام كل واحد منهما بينةً على وفق دعواه.

قال الأئمة: إن كانت البينتان مؤرّختين، واشتملت إحداهما على تقدمٍ في التاريخ، فالحكمُ بها، لأنه إذا صح الشراء المتقدم، وثبت في الزمان السابق، فالشراء الثاني بعده مردود؛ فإن الشراء الأول يثبت بالبينة على صاحب الدار في زمانٍ لا معارضة فيه لتلك البينة، وقد ذكرنا أن الشراء من الخصم إذا ثبت متقدماً، جرى الحكم به، ولسنا نفرعّ هذه المسائل إلا على هذا الأصل.

وإن كانت البينتان مؤرَّختين بتاريخٍ واحد، مصرِّحتين بالتنصيص على وقتٍ واحد، فهما متعارضتان فتتساقطتان على قول التهاتر، فكأَنْ لا بينة، ويحلف المدعى عليه لكل واحد منهما، كما سنصف ذلك، إن شاء الله. وهما مستعملتان على القول الثاني.

ثم في كيفية الاستعمال الأقوال الثلاثة: أحدها - قول القرعة. ومعناها أن من


(١) ر. المختصر: ٥/ ٢٦٤.