للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ملكك إلى المدعي، فقامت عليك البينة، فكيف ترجع عليّ، وما ذكرته ممكن.

وهذا إنما يتم بأن يقال: [هل للبائع] (١) أن يدعي ذلك؟ فالوجه أن يقال: لا تمتنع عليه الدعوى فيه. والقول قول المشتري، والإشكال مع هذا قائم؛ فإن البائع يقول: كيف ترجع عليّ بالإمكان؟ وسبيل الجواب [في الإشكال] (٢) الذي ذكرناه هو أن المشتري لا يمكنه أن يُثبت عدم تصرف نفسه، والبينة لا تشهد هزلاً، ولو لم يثبت الرجوع، لما حصلت الثقة بالعهدة. فأثبت الشرع الرجوع لذلك، وصحح ضمان العهدة خارجاً عن القياس لتوثيق البيع. هذا غاية الأمر. ومن عرف شيئاً على حقيقته لم يبق عليه مطلب بعده.

ثم زاد الأصحاب فقالوا: لو اشترى شيئاً، ووهبه وسلّمه فاستُحِق الموهوبُ ببينة مطلقة، وانتُزِع من يد الموهوب له، فللمشتري الرجوع بالثمن على البائع، وإن لم يطرأ الاستحقاق على ظاهر ملكه، وهذا لا إشكال فيه -إن ثبت الأصل- المقدم؛ فإن الاستحقاق إذا ثبت، بطلت الهبة. وكأنّ الاستحقاق طارىء على يد الواهب. فليس في هذا التفريع إشكال، وإنما الإشكال في الأصل. ولو باع ما اشترى من إنسان، فثبت الاستحقاق في يد المشتري الثاني. فإنه يرجع على المشتري الأول، ثم المشتري الأول يرجع على البائع الأول.

...


(١) في الأصل: " على البائع ". والمثبت من (ت ٥).
(٢) في الأصل: " وسبيل الجواب المقدار الذي ذكرنا، وهو أن المشتري ".
وفي (ت ٥): " وسبيل الجواب في الإمكان الذي ذكرنا وهو أن المشتري ". والمثبت تصرف من المحقق على ضوء المعنى والأحكام الفقهية. والله أعلم.