الإعجاب أن اقترحت على أحد الباحثين أن يجعل أطروحته بعنوان (البراعة والتفنن في ضرب المثل عند أبي حامد الغزالي) والآن عرفت أن هذه البذرة كانت عند إمام الحرمين، فنمت وترعرعت، واهتزت وربت عند تلميذه الإمام الغزالي.
عاشراً - التمسك بالخبر وتقديمه على القياس:
وكان من حق هذا البند أن يكون الأول في الترتيب، ولكني أخرته لعدةِ معانٍ رأيتها، منها:
* أنني كتبت فصلاً كاملاً وافياً في كتابنا (فقه إمام الحرمين خصائصه وأثره) عن هذا البند، وكان الممكن أن أنقله كاملاً أو ألخصه هنا، ولكن هذا شيء أكرهه، ولذا حاولت في هذا الفصل عن منهج الإمام أن أشير إلى خصائص من فقه الإمام غير ما كتبته هناك.
* ولأهمية هذا لم أشأ أن أغفله، بل رأيت الاكتفاء بالإشارة إليه، بضرب مثال واحد، في مسألة من مسائل القَسْم بين الزوجات، فيما إذا تزوج ثيباً، وأقام عندها أكثر من الثلاث (التي هي حق العقد)، فعليه أن يقضي كلّ ما أقامه عندها (الحق مع الزيادة) أما إذا أقام عند البكر أكثر من السبع (التي هي حق العقد)، فيقضي الزيادة فقط دون حق العقد.
وسبب هذا الفرق أنه في حال الثيب ورد خبر فالتزم به، وفي حال البكر لم يرد خبر فرجع إلى التمسك بالقياس، وهو عدم بطلان حق صاحب الحق إذا أخذ أكثر من حقه.
وهاك نص عبارته في هذا الموضوع، قال:" ولسنا نفي بمعانٍ جامعة فارقة، وإنما ندور على مقتضى الخبر، فإذا لم نجد متعلقاً فيه، رجعنا إلى التمسك بالقياس، ومن القياس الجلي ألا يبطل حق صاحب الحق إذا أخذ كثر من حقه.
فأجرينا الزيادة على حق البكر على هذا القياس، وتركنا ما ذكرناه في حق الثيب من بطلان حقها -إذا طلبت الزيادة وأجيبت- على موجب الخبر ".
* والمعنى الثالث الذي من أجله أخرنا هذا البند أن نتيمن بجعله مسك الختام.