للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يلتزم فيه أصول الشافعي، فهي ليست من المذهب، مع علوّ منصب صاحبها.

والذي نلفت النظر إليه تنبّه إمام الحرمين، وتنبيهه لصيغة المزني وعباراته، ومتى تدل على التزامٍ بأصول المذهب، ومتى تدل على الخروج عليها.

* وقد نرى للإمام في كتابه هذا اجتهاداً يخالف فيه المذهب، أو يزيده وجهاً، ولكنه يحرص دائماً على أن يميزه عن المذهب بتعبيرٍ واضح، لا احتمال فيه، من مثل قوله: " كنت أودّ لو قال قائل من أئمة المذهب بكذا ".

* بل قد يختار مذهباً مخالفاً، ويعلل لاختياره، ويستدلّ له، ولكنه دائماً يميز اختياره عن المذهب، مثال ذلك: حينما يعرض لرأي الشافعي في الزكاة، وأنه لا يجوز إخراج البدل، وأن الزكاة تخرج من المال الذي تجب فيه الزكاة، فمن كان ماله ذهباً لا يخرج عنه فضة، وهكذا، نجده يشير إلى رأي مالك وقوله: بأن الوَرِق يجزىء عن الذهب، والذهب يجزىء عن الوَرِق، فنراه يعلن ميله لرأي مالك صراحة، فيقول: " وهذا فيه قرب ". ثم يعلل لرأي مالك ويوجهه، فيقول: " إن الماشية إن قدّرت نامية، واعتُقد فيها اختصاص، فلا اختصاص لأحد النقدين عن الثاني بشيء ".

ومع هذا فالحرص واضح على عدم عدّ ذلك من المذهب.

ونكتفي بهذه النماذج -وما أكثرها في تضاعيف الكتاب- فهي كافية بالغة الدلالة، ونخوض في وجهٍ آخر يبين منزلة كتابنا هذا في بناء المذهب.

...

[المذهب الكبير]

ويؤكد منزلة كتابنا هذا ومكانته في تحرير المذهب وبنائه أنه عُرف باسم (المذهب الكبير) وصار عَلَماً عليه، يشهد لذلك ما ذكره ابن الصلاح في (أدب الفتوى) قال: حدثني أحد المفتين بخراسان أيام مقامي بها عن بعض مشايخه، أن الإمام أحمد الخَوافي قال للغزالي في مسألةٍ أفتى فيها: لقد أخطأت، فقال الغزالي: من أين والمسألة ليست مسطورة؟

<<  <  ج: ص:  >  >>