ثم جاء النووي واختصر هذا الشرح، ونقحه وحرره، واستدرك على كثير من كلامه ... وسماه (روضةَ الطالبين) .. ، ثم جاء المتأخرون بعده فاختلفت أغراضهم ".
والعجيب أني قرأت لابن حجر نفسه في كتابه (كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع) أن أعظم مؤلفات الشافعية، هو المجموع للنووي (١). فلعل كلَّ واحد من هذه الكتب الثلاثة كان أعظمَ بالنسبة لزمنه: النهاية للجويني، وشرح الوجيز للرافعي، والمجموع للنووي، وكل منهم له قدره ووزنه وأثره، ولا حرج على فضل الله.
٢ - المصنّف
أما مصنف الكتاب فهو إمام الحرمين عبد الملك بن عبد الله الجويني (ت ٤٧٨ هـ) أحد عمالقة الفكر الإسلامي، والعلم الإسلامي، الذي شرَّق صِيتُه وغرَّب. واعترف بفضله القاصي والداني، وأثنى عليه السابقون واللاحقون والمحْدَثون إلى يومنا هذا.
إمامٌ وابنُ إمام، وفقيه وابن فقيه، أخذ العلم كابراً عن كابر.
قال معاصره الإمام أبو إسحاق الشيرازي: تمتعوا بهذا الإمام، فإنه نزهةُ هذا الزمان! وقال له مرة: يا مفيد أهل المشرق والمغرب، لقد استفاد من علمك الأولون والآخرون.
وقال الحافظ أبو محمد الجرجاني: هو إمام عصره، ونسيج وحده، ونادرة دهره.
وقال قاضي القضاة أبو سعيد الطبري، وقد قيل له: إنه لقّب إمام الحرمين: بل هو إمام خراسان والعراق، لفضله وتقدمه في أنواع العلوم.
وقال العلامة تاج الدين ابن السبكي في ترجمته في (طبقات الشافعية): هو الإمام
(١) انظر: ص ٢٧٦ من (كف الرعاع) المطبوع مع الزواجر، طبعة دار المعرفة - بيروت.