للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باب النية في الوضوءِ

٦٠ - طهارات الأحداث تفتقر إلى النّية: وهي الغُسل، والوضوء، والتيمم.

وإزالة النجاسة لا تفتقر إلى النية.

ونسب بعض الأصحاب إلى ابن سُريج (١) وجهاً في اشتراط النيّة في إزالة النجاسة، وهذا غلط، وسنذكر في أحكام النجاسات سببَ هذا الغلط، ثم نذكر كيفية النيّة، ووقتَ النيّة في قسمين.

فأما القول في الكيفية، فتأتي كيفيّة النيّة في الغسل والتيمّم في بابيهما.

٦١ - فأما الوضوء، فينقسم إلى وضوء الرفاهية، وإلى وضوءِ الضرورة، فأما وضوء الرفاهية، وهو وضوء من لا عُذر له من النواقض للطهارة (٢)، ففي النية مسلكان: أحدهما - التعرّض لرفع الحدث، فإذا نوى المتوضىء رفعَ الحدث، صح وضوؤه وارتفع حدثُه.

وإن نوى رفع حدث البول، وكان حدثه نوماً، أو مسّاً، فالوجه القطع بارتفاع الحدث، وصحّة الوضوء، والسبب فيه أن عين الحدث لا سبيل إلى تخيل ارتفاعه، وإنما ثبت بسبب الحدث منعٌ، وهو الحدث على التحقيق، ثم يرتفع ذلك المنعُ بالوضوء، وذلك المنعُ ليس جنساً معيّناً ولا نوعاً مخصوصاً، فإن فُرض


(١) ابن سُريج، أحمد بن عمر، أبو العباس، القاضي، البغدادي، تفقه بأبي القاسم الأنماطي وغيره. حامل لواء الشافعية في زمانه، وناشر مذهب الشافعي، وتفقه به جماعة من حملة المذهب ورفعائه. توفي سنة ٣٠٦ هـ (ر. طبقات الشافعية الكبرى: الطبقة الثالثة: ٣/ ٢١، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة الدمشقي: ١/ ٤٨، وطبقات الفقهاء للشيرازي: ١٠٨، والأعلام للزركلي).
(٢) يشير بقوله هذا إِلى أصحاب الحدث الدائم مثل سلسل البول، والاستحاضة. وسيأتي الحديث عن نية الوضوء بالنسبة لهم قريباً.