للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب العمرى والرقبى]

٥٨٤٢ - هذه اللفظة استعملتها العربُ في الجاهلية قبل المبعث، ونحن نذكر صيغتها ومعناها، ثم نذكر حكمها.

فإذا قال الرجل: أعمرتك هذه الدار ووهبت (١) منك عمرك، أو ما بقيت، فهذه صيغ العمرى. ومعناها أن الموهوب يكون للمعْمَر ما بقي، فإذا مات، لم يخلفه الوارث، ولم يقم مقامه. هذا معنى اللفظ، وكانت العرب تعنيه (٢) وتريده، وتبني (٣) النحلةَ على رجوع الموهوب إلى الواهب إذا مات المتَّهب.

فإذا بأن اللفظ ومعناه، عدنا إلى ترتيب حكم الشرع فيه.

٥٨٤٣ - والترتيب القريب أن نقول: إذا قال: أعمرتك، أو وهبت عمرك، أو ما بقيتَ، ولم يتعرض لقطع الملك عن ورثته، ولا استمرار الملك عليهما، ففي المسألة قولان: أصحهما - وهو المنصوص عليه في الجديد أن الهبة تصح. وقال الشافعي في القديم: لا تصح الهبة.

توجيه القولين: من قال: لا تصح، فوجهه بيّن في القياس؛ فإن الهبة قياسها أن تقتضي ملكاًً يقتضي البيعُ مثلَه، وحكم الملك المستفاد من البيع أن يطّرد على الوارث، واللفظ لا يعطي هذا المعنى في الهبة، فينبغي أن تبطل.

ومن نصر القول الجديد، فمعتمده الخبر، وهو ما روي أن رسول الله صلى الله


(١) (د ١)، (ت ٣): ووهبتك.
(٢) تعنيه: أي المعنى.
(٣) (د ١)، (ت ٣): تبغي.