للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه وسلم: جعل العمرى للوارث (١). وروي أنه قال صلى الله عليه وسلم: " لا تُعمروا ولا تُرقبوا، فمن أعمر شيئاً، أو أرقبه، فسبيله الميراث " (٢).

فإن تعلق ناصر القول القديم بنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإعمار والإرقاب، قيل له: هذا محمول على طريق المشورة، وحاصله لا تعمروا، وأنتم تبنون الأمر على أن الموهوب يزجع عليكم، واعلموا أن سبيله الميراث.

التفريع على القولين:

٥٨٤٤ - إن حكمنا بفساد الهبة، فلا كلام، وهي لاغية، وملك الواهب باقٍ، وإن

اتصل بالإقباض.

وإن حكمنا بأن الهبة صحيحة، فالأصح أن ما في اللفظ من التعرض للتخصيص بالعمر باطل، والهبة مؤبدةٌ، والملك مسترسل على الورثة إذا مات المتَّهِب المُعْمَر.

وحاصل هذا القول يرجع إلى تصحيح الهبة وإبطال مقتضى اللفظ في تضمين التخصيص والتأقيت، والمعتمد فيه الخبر، فإنه صلى الله عليه وسلم قال: " فسبيله الميراث ".

٥٨٤٥ - وللشافعي قولٌ في القديم: إن الهبة تصح، وتقتضي الملك متقيداً بحياة المتَّهب، وإذا مات، رجع إلى الواهب.

وهذا وإن كان مشهوراً، فهو مختلٌّ جداً؛ فإن المعتمد الخبرُ، ومقتضاه طرد الملك على الورثة.


(١) حديث: " العمرى ميراث لأهلها " رواه مسلم عن جابر وأبي هريرة: الهبات، باب العمرى، ٣/ ١٢٤٨، ح ١٦٢٥، ١٦٢٦. وأحمد عن سمرة: ٥/ ٨، ١٣، ٢٢. وعنه أيضاًً الترمذي: الأحكام، باب ما جاء في العمرى، ٣/ ٦٢٣، ح ١٣٤٩. وابن حبان عن زيد بن ثابت بنحوه: ٧/ ٢٩٢ حديث: ٥١١٠. وانظر التلخيص: ٣/ ١٥٦ ح ١٣٥٨.
(٢) حديث " لا تعمروا، ولا ترقبوا ... " رواه الشافعي: ٢/ ١٦٨ (السندي) وأبو داود: البيوع، باب من قال فيه ولعقبه ٣/ ٢٩٣، ح ٣٥٥٦. والنسائي: العمرى، باب ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر جابر في العمرى ٦/ ٢٧٣، ح ٣٧٣١. والبيهقي في الكبرى: ٦/ ١٧٥ ومعرفة السنن والآثار: ٩/ ٥٨، ح ١٢٣٤٤ (كلهم من حديث جابر). وانظر التلخيص: ٣/ ١٥٦، ح ١٣٥٩.