للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم تفريع القديم على الجديد لا يحسن في نظم المذهب، والأحسن أن نقول: في المسألة ثلاثة أقوال: أحدها - وهو المنصوص عليه في الجديد أن الهبة تصح، ويطّرد الملك على الورثة، ولا مبالاة فيما في اللفظ من معنى الإشعار بتخصيص الملك بعُمر المتهب.

والقول الثاني - أن الهبة تفسد.

والقول الثالث - أنها تصح، والملك مقصور على عُمر المتهب. وهذان القولان نص عليهما في القديم، وكل ما ذكرناه فيه إذا قال: أعمرتك هذه الدار، أو وهبتك هذه الدار عمرك.

٥٨٤٦ - ووراء هذه الصورة صورتان: إحداهما - أن يقول: أعمرتك ما بقيتَ، فإذا متَّ، فلورثتك.

والأخرى - أن يقول: فإذا متَّ، انصرف إليَّ الموهوب ملكاً. فإن قال: وهبتك عمرك، والموهوب [بعدك] (١) لورثتك، فالهبة صحيحة، لا خلاف في صحتها، ويستوي في الحكم بالصحة الجديدُ، والقديمُ؛ فإنه صريح بتأبيد الملك، وتثبيته على حكم الاطراد.

فأما إذا قال: وهبتك عمرَك، فإذا متَّ، رجع إليّ الملك في الموهوب، فلا شك أن هذا باطل على المذهب القديم، إذا رأينا إبطال الإعمار المطلَق، فإن رأينا في الترتيب القديم تصحيحَ العُمرى، وتخصيصَ الملك بعمر المتَّهِب، فالهبة صحيحة، على هذه القضية، والملك فيها مقصور على عمر المتَّهِب. وهذا التقييد عند هذا القائل تصريحٌ بما يقتضيه مطلق الإعمار.

فأما إذا فرعنا على القول الجديد، وقلنا: الإعمار المطلق صحيحٌ، والملك مسترسل على الورثة، وما في اللفظ من معنى التخصيص باطل.

فإذا جرى اللفظ مقيداً بالرجوع إلى الواهب، ففي المسألة وجهان: أحدهما - أن هذا يبطل لما فيه من التصريح بالتأقيت. وهذا القائل يقول: الإعمار المطلق


(١) زيادة من (د ١)، (ت ٣).