للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا تأقيت فيه؛ فإنه إذا ذكر الملك في عمر المتهب، فقد تناهى في تأبيد الملك؛ فإن أقصى ما يمتد فيه ملك المالك عمرُه. ثم إذا ثبت هذا، فالإرث بعد انقضاء العمر فرعُ هذا المقتضَى. ولم يجر له ذكرٌ بنفيٍ ولا إثبات. فهذا وجه.

والوجه الثاني - أن الهبة لا تفسد؛ فإن ما صرح بهِ من التأقيت هو مقتضى الإعمار المطلق، فإذا ثبت أن الهبة تصح بلفظ الإعمار، فينبغي أن تصح، وإن قُيّدت بالتأقيت، فالشرط إذاً باطل، والهبة صحيحة.

٥٨٤٧ - ومما يتصل بتفصيل المسائل أنه إذا قال: وهبتك عُمْرَ زيدِ، وذكر رجلاً غيرَ المتَّهِب، أو قال: وهبتك عمري، أو ما بقيتُ، والتفريع على الجديد، وقد تبين ميله إلى التصحيح، فالمذهب الظاهر أن الهبة تفسد؛ فإنها ما أضيفت إلى عمر المتَّهب، حتى يقال: تقديرها ملكتك على أقصى ما يتصور ملكك، واللفظ حائد عن اللفظ المعهود [في الباب] (١)، ومعتمد التصحيح الخبرُ، وهو محمولٌ على الصيغة المعروفة.

وذكر الشيخ والعراقيون وجهاً آخر: أن الهبة تصح على الجديد، ويفسد التأقيت ولم يصر أحد ممن يُحتفل به إلى الحكم بالصحة، مع الوفاء بموجب الشرط، حتى يقال: يثبت الملك مختصاً بالعمر المذكور، حتى إذا مات زيدٌ، الذي ذكر عمرَه قبل موت المتَّهب يرجع الملك إلى الواهب المُعْمِر، ولكن يتأبد الملك بعد موته للمتهب، ثم لورثته بعده، فيؤول الخلاف إلى أن الشرط الفاسد هل يُفسد الهبةَ أم يُطّرح الشرط، ويحكم بصحة الهبة مؤبدةً على خلاف الشرط؟

٥٨٤٨ - ولو قال: وهبت منك داري هذه سنةً، أو يوماً، فهذا خارج على الخلاف الذي ذكرناه؛ إذ لا فرق بين تقييد الملك بعمر غير المتهب، وبين تقييده بالوقت الصريح، فيخرَّجُ على الجديد وجهان: أحدهما - أن الهبة فاسدة، وما جاء به إعارةٌ بلفظٍ فاسد.


(١) ساقط من الأصل.