للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والوجه الثاني - أن الشرط محذوف، والهبة في نفسها متبعة على حكم التمليك المؤبد.

٥٨٤٩ - وينشأ من هذا المنتهى جريان الخلاف في تصحيح الهبة، وإبطال الشرط الفاسد، ثم خصص بعض أصحابنا هذا الخلافَ فيما يتعلق بالوقت.

وقال قائلون: كل شرطٍ فاسد مذكورٍ في عقد الهبة، فهو خارج على الاختلاف، حتى نقول في وجهٍ: يفسد الشرط، وتصح الهبة على موجب الشرع، حتى لو قال وهبت منك عبدي هذا على [ألا تبيعه] (١) إذا قبضته، ولا تتصرف فيه، أو ما جرى هذا المجرى، فهذه الشرائط منحذفة، والملك حاصلٌ للمتَّهِب.

وهذا القائل يفصل بين الهبة وبين البيع، ويقول: الشرائط التي تذكر في البيع تُصيِّر الثمن -الذي هو ركن البيع- مجهولاً، وجهالة الثمن تُفسد البيع، ولا عوض في الهبة.

فهذا وإن نقله الأئمةُ حَيْدٌ عظيم، وإبعادٌ ظاهر، وسببه تصحيح الإعمار، وقد حكينا في كتاب البيع قولاً غريباً، عن صاحب التقريب، ردّده مراراً: أن الشرط الفاسد ينحذف في البيع، ونحكم بصحة البيع، (٢ وذلك غير معتدٍّ به من أصل المذهب. وليس ما حكيناه في الهبة ذلك القول ٢)، وإنما هو محكي مع الفرق بين الهبة والبيع.

هذا مجموع القول في العمرى، مع ما يتعلق بأطرافها.

٥٨٥٠ - فأما القول في الرقبى فنذكر لفظها، وما كان يريده من يُطلقه، ثم نذكر حكمَ الشرع على ترتيبنا في العمرى.

فلفظ الرُّقبى أن يقول: وهبت داري هذه على أنك إن متّ قبلي، رجعت إليّ، فإن متُّ قبلك، استقر ملكُك.

وسُمِّي هذا النوعُ رقبى؛ لأن كلّ واحد منهما يرقب موت صاحبه، فالمتّهِب يرقب


(١) في الأصل: أن تبيعه.
(٢) ما بين القوسين ساقط من (د ١)، (ت ٣).