للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الأول: من ملامح منهج إمام الحرمين وصفاته على ضوء (نهاية المطلب)]

لا بدّ من منهج جديد للحكم على المذاهب والرجال:

نقدم بين يدي هذا الفصل من مقدمات النهاية دعوةً إلى منهج جديد للحكم على المذاهب والرجال، والتأريخ للعلوم، والفنون، والمذاهب.

هذا المنهج يجب أن يقوم على قراءة النصوص وتحليلها، ودراستها وفهمها، ولا نكتفي بنقل ما يقوله السابقون بعضهم في بعض، فلم يعد مقبولاً أن نردّد ما يقوله الأشاعرة عن المعتزلة، والمعتزلة عن الأشاعرة، ولا ما يقوله الشافعية عن الأحناف، والأحناف عن الشافعية مثلاً؛ فمعظم هذه أحكام مطلقة يردّدها لاحق عن سابق، حتى تصبح من كثرة الترداد، والتناقل حقائق ثابتة، ومسلمات بدهية، ومقدمات ضرورية؛ على حين لو قمنا بدراسة النصوص الأصلية لكل جماعة أو مذهب، لوجدنا أن كثيراً من هذه المسلّمات لا ثبات لها.

* على سبيل المثال وجدنا معظم الأصوليين -في مبحث الحكم- يقولون:

" لا حاكم إلا الله، خلافا للمعتزلة؛ فإنهم يحكمون العقل ".

وعندما قمنا بتتبع نصوص المعتزلة في كتبهم الأصيلة لم نجد هذا صحيحاً بهذا الإطلاق، وإنما هذا قول المعتزلة قبل ورود الشرع، أما بعد ورود الشرع، فلا حكم إلا لله، ولا يوجد مسلم يقول بغير هذا.

وعلى ذلك تخرج هذه المسألة من علم أصول الفقه إلى علم أصول: الدين (١).


(١) انظر بحثاً لنا بعنوان: (العقل عند الأصوليين).

<<  <  ج: ص:  >  >>