للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باب (١) في الرَّهْن وَالحَمِيلِ (٢) في البيع

ذكر الشافعي، رحمه الله في أول الباب أن الرهن أمانة، وتعلق بطرق من الحجاج، وسيأتي في ذلك باب، ثم قال: " فلو باع رجل شيئاًً على أن يرهنه به من ماله ... إلى آخره " (٣).

٣٦٩٩ - شرط الرهن جائز في البيع، وإن كان مطلقُ العقد لا يقتضيه، ولكن لما كان من مصلحة العقد، عُدَّ شرطه (٤) جائزاً، وكذلك شرط الضمان والإشهاد، فهذه الوثائق الثلاث يجوز شرطها في البيع، وذكر الشافعي لفظاً في صدر الفصل، نذكر ما فيه أولاً، ثم نخوض في مقصود الباب.

ظاهر لفظه يدل على أن البائع إذا قال: بعتك عبدي هذا بألفٍ على أن ترهنني دارَك هذه، فقال المشتري: اشتريت ورهنت، فالرهن ينعقد من غير قبول يصدر من البائع، ومقتضى كلامه دليل على إقامة شرط البائع في الرهن مقام قبوله، من غير احتياج إلى شيء آخر. وقد صار إلى هذا طوائف من أصحابنا.

والأصح الذي ارتضاه المحققون أن الرهن لا ينعقد مالم يذكر البائع بعد إيجاب المشتري الرهن قبولاً له، ولا يقع الاكتفاء بالشرط الذي يقدَّم؛ فإن الرهن عقد مفتقرٌ إلى الإيجاب والقبول، فلا بد منهما، وليس شرط الرهن بمثابة استدعائه؛ فإنا على قول صحيح نقيم استدعاءَ العقد من أحد الجانبين، مع الإيجاب من الجانب الثاني مقام


(١) تستمر نسخة (ت ٢) في جزئها العاشر. فتبقى النسخ ثلاثاً، كما سيظل الأصل هو نسخة (هـ٢).
(٢) الحَمِيل: بفتح المهملة وكسر الميم: الكفيل (الزاهر).
(٣) ر. المختصر: ٢/ ٢١٥.
(٤) في (ت ٢): شرطاً.