خرجت له القرعة من الخصمين، سُلِّمت الدار إليه، وقد ثبت توفيره الثمن، والثاني يستردّ الثمن؛ فإن بينته شهدت له بالشراء والتوفير، ثم جرت القرعة في محل التنازع، وهو ملك الدار، فلزم استعمال البينة في توفير الثمن.
وأما قول الوقف - فمعناه إخراج الدار من يد المدعى عليه، ووقفها بين المدعيين إلى أن يصطلحا، ومن حُكْم الوقف أن يُسترد منه الثمنان، ويعدّلا على يد إنسان حتى ينفصل الأمر.
وأما قول القسمة - فمعناه أن الدار تقسم بين المدعيين نصفين، ويرجع كل واحد منهما بنصف الثمن الذي شهدت بينته على توفيته وتوفيره، هذا معنى القسمة.
ثم يتفرع عليه أنه يثبت الخيار لكل واحد منهما؛ من جهة أنه لم يسلم له تمام المبيع، وتبعُّضُ المعقود عليه يُثبت الخيارَ.
١٢٢٧٩ - هذا كلام على الجملة، وقد فصله القاضي، فقال: إذا صرفنا النصف إلى أحد المشتريين، فرضي به، ولم يفسخ، ورجع بنصف الثمن، ثم لما عرضنا النصف على الثاني أراد الفسخ، فله ذلك، ويطالِب بتمام الثمن.
فلو قال الأول: كنتم لا تسلمون إليّ النصف الثاني لمكان صاحبي، الآن قد فسخ، سلّموا إليّ ذلك النصف أيضاً، وأردّ ما استرددته من الثمن، قال القاضي: لا يُجاب إلى ذلك، فإنه رضي بالنصف، وجرى القضاء به، فلا نُغيِّر ما مضى.
ثم قال: لو عرضنا النصف على أحدهما، فاتفق أن الذي بدأنا به فَسخَ، فقال الثاني: ادفعوا إليّ الدار بتمامها، فهل يُجاب إلى ذلك؟ فعلى وجهين ذكرهما القاضي: أحدهما - أنه يجاب إليه لزوال المنازع في رقبة الدار، وإنما كنا نقسم لاستوائهما في الطلب، والتمسك بالحجة، والآن قد انقطع حق أحدهما، فيجب تسليم الدار إلى الثاني. والوجه الثاني - أنا لا نسلّم إليه إلا النصف؛ فإن مقتضى قول القسمة هذا، فلا مزيد على مقتضى القسمة.
والذي أراه أن الترتيب على عكس هذا، فإن فسخ من فاتحناه، سلمنا الدار إلى الثاني وجهاً واحداً، لأن القسمة ليست معنيّة بعينها، وإنما هي للاستواء في الطلب