للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحجة، وقيام النزاع، فإذا زال، وجب التسليم إلى المُطالِب، فإن رضي أول من فاتحناه بالنصف، وفسخ الثاني، ففي رد النصف إلى الأول وجهان؛ فإن الأول رضي بالنصف لتقدير نزاع الثاني، فإذا زال، فطلبه قائم. ثم لا يخفى أن الفاسخ يرجع بتمام الثمن، والذي يسلم له كل الدار، فهو مستوفٍ كمالَ حقه، ومن سُلّم له النصف، فهو راجع إلى نصف الثمن.

وحكى العراقيون قولاً عن الربيع أنا إذا لم نُسقط البينتين، حكمنا بانفساخ العقدين في حق المدَّعِيين؛ إذ ليس أحدهما أولى من الثاني، والدار تبقى في يد المدعى عليه، ونُلزمه رد الثمنين، وهذا أثر استعمال البينتين، ثم قال العراقيون: هذا من تخريجه، وهو مزيف لا أصل له؛ فإنا إذا استعملنا البينتين، فلا معنى لرفع حكمهما فيما هو المقصود بهما.

وكل ما ذكرناه فيه إذا كانت البينتان مؤرختين بتاريخ واحد.

١٢٢٨٠ - فأما إذا كانت البينتان مطلقتين في الشراء، والتفريعُ على قول التهاتر إذا تحقق التناقض، فقد اختلف أصحابنا في هذه الصورة: فمنهم من قال: لا نحكم بالتهاتر؛ فإن صدق البينتين ممكن. فلعل أحدهما اشترى، ثم عادت الدار إلى ملك المدعى عليه، فاشتراها الثاني، فعلى هذا يمكن تقدير الصدق في البينتين، والثاني - أنهما تتهاتران لتعذر تقديم إحداهما على الأخرى، فلا ينفع تقدير صدقهما مع تعذر إمضائهما، وصاحب قول التهاتر يرى القرعةَ، والقسمةَ، والوقفَ متعلقةً (١) بموجب البينتين جميعاً، فإن قلنا بالتهاتر، فتسقط البينتان وكأنْ لا بينة.

وإن لم نحكم بالتهاتر، فعلى هذا الوجه وجهان: أحدهما - أنا لا نُجري الأقوال الثلاثة التي يُجريها من يقول باستعمال البينتين. والوجه الثاني - أنا نلزم المدعى عليه رد الثمنين؛ فإن هذا لا تناقض فيه بين البينتين، ونسقط البينتين في رقبة الدار. وهذا على التحقيق تهاتر من وجه، واستعمالٌ من وجه، وهو فقيهٌ، لا ينقدح عند المحصلين غيره.


(١) ت ٥: " منعقدة ".