للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومما نذكره في هذه الصورة -وهي إذا كانت البينتان مطلقتين- أنا إذا فرعنا على أقولاً (١) الاستعمال، فقد أجرى الأصحاب الأقوالَ الثلاثة على ما فصّلناها.

وكان شيخي يقول: لا أجري قولَ القرعة؛ فإنّ صدق البينتين ممكن، وإنما نُجري قول القرعة لتمييز الكاذبة من الصادقة، فإذا أمكن صدقهما، فلا معنى للقرعة.

وهذا وهمٌ وزلل؛ لأن القرعة لا تميز الصادقة من الكاذبة، بل قد تخرج بفوز الكاذب، وإنما إجراء القرعة لتمييز شخصين مستويين ظاهراً في سبب الاستحقاق.

والله يتولى السرائر.

فصل

قال: " وإذا أقام بينة أنه اشترى هذا الثوب من فلان ... إلى آخره " (٢).

١٢٢٨١ - صورة المسألة أن نقول: دارٌ في يد ثالث، فجاء رجلان، وادعى أحدهما أن الدار له، وزعم أنه اشتراها من زيد، وكانت ملكَه إلى أن باع، وادعى الآخر الدار لنفسه، وزعم أنه اشتراها من عمرو [وهي] (٣) ملكه، وأقام كلُّ واحد منهما بينة على حسب دعواه، فالبينتان متعارضتان، ولا يخفى التفصيل والتفريع، وغرض هذا الفصل أنهما إذا ربطا دعوى الملك بالشراء من شخصين، فلا بد وأن يُثبتا ملكَ البائع منهما حالة العقد؛ فإن صورة الشراء لا توجب الملك ما لم يكن صَدَرُها من مالك.

ولو ادعى رجل داراً في يد رجل، فقال: بعتَها مني، فلا يشترط أن يقول: بعتَها وأنت تملكها؛ فإن بيعه يقطع سلطانه، وهو مؤاخذ بحكمه وموجبه، فلا حاجة إلى إثبات ملكه، فأما إذا كان المدعي يسند ملكه إلى شخص آخر غير صاحب اليد، فلا بد وأن يثبت ملكه المتقدم على البيع. وهذا مقبول منه. وإن لم يكن مستناباً من جهة البائع في إثبات ملكه؛ لأنه يبغي بهذا تصحيح الشراء، فكان كالذي يريد إثبات ملك نفسه.


(١) زيادة من (ت ٥).
(٢) ر. المختصر: ٥/ ٢٦٤.
(٣) في النسختين: " وهو ".