للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يتحمل عنه، كما لا [يرثه] (١)، وهذا مذهب أبي حنيفة (٢). والثاني - يتحمل؛ لأن المولى الأعلى إذا كان يتحمل عن الأسفل وهو المنعِم، فلأن يتحمل المنعَم عليه عن المنعِم أولى، قالوا إذا ثبت التحملُ في حق الأعلى وتحمله عن الأسفل، ثبت تحملُ الأسفل عن الأعلى، وليس كذلك الميراث؛ فإن استحقاق الإرث -إن استحق- يختص بمن يستحق الولاء، [أما العقل] (٣)، فالتحمل من قبل المواساة والإعانة والنصرة، ويبعد أن تثبت النصرة على الأعلى للأسفل، ولا تثبت النصرة على الأسفل للأعلى.

١٠٧٩٢ - ثم ذكر الأئمة رضي الله عنهم جملاً من الكلام في تحمل من يستحق الولاء، فنأتي بما أوردوه، ونُتبع إحالة البيان التام على باب الولاء، إن شاء الله.

فمما ذكره الأصحاب أنه إذا أعتق العبدَ المشتركَ الشركاءُ فيه، ثم جنى المعتَق، فلا نضرب على المعتِقين إلا ما نضربه على معتِقٍ واحد ينفرد بإعتاق العبد الخالص؛ وذلك أنه لم ينفرد واحد منهم باستحقاق الولاء التام، بل الولاء مفضوض عليهم، كما كان الملك مشتركاً بينهم، والتحمل في حق المعتِق يتبع الولاء، فإن كانوا أغنياء ضُرب عليهم نصف دينار في آخر السنة، وإن كانوا متوسطين، ضرب عليهم ربع دينار، وإن كانوا مختلفين: منهم الموسر ومنهم المتوسط، فنضرب على الموسر قسطاً من نصف دينار، ونضرب على المتوسط قسطاً من ربع دينار.

ولو انفرد الإنسان بالملك والإعتاق، ثم مات وخلف عَصبةً، فإذا جنى المعتَق جنايةً، فأفضى [ترتيبُ] (٤) العصبات إلى ضربها على عصبة المعتِق، فنضرب على كل واحد منهم حصةً تامة على حسب يساره وتوسطه: نصف دينار، أو ربع دينار.

وقد يعترض في هذا سؤال، وهو أن المعتِق لو كان حياً، لما ضربنا عليه إلا حصةً واحدة، والضرب على عصباته جاء من قِبله، فهلا ضربنا ما كان يخصه لو كان حياً


(١) في الأصل: "يرث".
(٢) ر. فتح القدير: ٨/ ١٦٣.
(٣) زيادة يقتضيها السياق.
(٤) في الأصل: "في بيت".