للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قطع الصيدلاني وغيرُه من المراوزة أنه لحم، وذكر العراقيون أنه كالكبدِ. والذي قالوه محتمل، والكُلية عندي في معنى القلب، والأَلْيةُ (١) لم يعدُّها المحققون من اللحم، ولا من الشحم، وجعلوه مخالفاًً لهُما، وهذا فيه احتمالٌ عندي، فيشبه أن يقال: هو كاللحم السمين يجتمع للضائن (٢) على موضع مخصوص.

٢٩٨٥ - فإذا ثبت ما ذكرناه من حكم الأَيْمان -واستقصاؤه محال على موضعه- عُدنا إلى غرضنا.

فالطريقةُ المشهورة أنا إذا حكمنا بأن اللحوم أجناس، فهذه الأشياء من الحيوان الواحد أجناسٌ؛ فإنها مختلفة الأسماء والصفات. وإن حكمنا بأن اللحوم جنسٌ واحد، فقد ذَكرنا خلافاً على هذا القول في لحوم البرِّيّات مع البحريّاتِ، ومأخذ قول من يَقول: إنهما جنسان من حكم اليمين؛ فإن من حلف لا يأكل اللحمَ، لم يحنث بأكل الحيتان، فما ذكرناه من الكَرِش وما في معناه يخرج على موجَب اليمين الذي ذكرناه. فكل ما يحنَثُ الحالف بأكله والمحلوف عليه اللحمُ، فهو من جنس اللحم على قولنا باتحاد جنس اللحمان، وكل ما لا يحنَث الحالفُ على اللحم بأكله، فهو خارجٌ على الوجهين، اعتباراً بلحوم الحيتان مع لحوم البرِّيَّات.

فهذه الطريقة المرضيَّة.

وحكى شيخي عن القفال عكْسَ هذا، فقال: إن حكمنا بأن اللُّحمانَ جنسٌ واحدٌ، فالمُسمَّياتُ التي ذكرناها ملحقةٌ باللحم مجانسة له، وليس الحكم بمجانستها للحم بأبعدَ من حكمنا بمجانسة لحم العصفور لحمَ الجزور.

وإن حكمنا بأن اللحمان أجناسٌ، ففي هذه المسمّيات من حيوانٍ واحدٍ وجهان: أحدُهما - أنها ملتحقة باللحوم، لاتحاد الحيوان، فكأن لحم كل حيوان يختلفُ


(١) أَلْيةُ الشاة، قال ابن السكيت، وجماعة: لا تكسر الهمزة، ولا يقال: ليّة، والجمع ألَيات، كسجدة وسَجَدات، والتثنية: أَلْيان بحذف الهاء على غير قياس، وبإثباتها في لغةٍ على القياس. (مصباح).
(٢) الضائن: ذكر الغنم، والأنثى: ضائنة. (مصباح).