للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أجزاؤُه، والكل لحمٌ. وهذه الطريقةُ رديئةٌ، لم أرها إلا لشيخنا؛ فلا أعدُّها من المذهب.

والعظمُ لا شك أنه ليس بلحمٍ، الصلبُ منه والمُشاشي (١)، والغضرُوفي (٢)، وكذلك المِخَخَة (٣).

وقطع أئمتُنا بأن الأكارع لحمٌ في اليمين، وهو من الشاة مجانسةٌ لسائر لحمها، ولا اعتراض على الاتفاق. ولعل ذلك من جهة أنه يؤكل أكْلَ اللحم، وإلا فالظاهر عندي أن العصبةَ المفردةَ ليست لحماً. والرؤوس من اللحوم لا شك فيه، وإنما أشرت إلى إشكالٍ في المعنى، من جهة أن الأكارعَ أعصابٌ تحويها الجلود، ولكنها إذا تهرَّت، أُكِلت أكلَ اللحم.

فهذا كلّه ترتيبُ القول في اتحاد الجنس واختلافِه.

٢٩٨٦ - فلا يخفى بعد هذا أن كل لحمين حكمنا باختلافِ جنسهما، فلا حرجَ في بيع أحدهما بالآخر، مع حقيقةِ التفاضل، ولا تعبّدَ إلا في التقابضِ وامتناع النَّساء.

وإن حكمنا باتحاد الجنس، أو فرضنا في بيع لحم الغنم يباع البعض منه بالبعضِ، فقد قطع معظمُ الأصحاب بأنهُ لا يجوز بيع اللحم الرَّطْب باللحم الرطب. بل يجب أن يُجفَّفا حتى لا تبقى في اللحم رطوبة، فيباع القديد، ولو كان على القديدِ ملحٌ يظهر له أثرٌ في الوزنِ، لم يجُز بيع البعضِ بالبعض. وحكى بعضُ الأئمة وجهاً أن بيع اللحم الرَّطْب باللَّحمِ الرَّطب جائزٌ، وخرّجوا هذا على بيع الخوخ الرطب بالخوخ الرطب.

وقد ذكرنا، فيه وفي أمثاله خلافاً، ووجه شبه اللحم بما ذكرناه، أن تقديدَ الخوخ قد يلتحق بما لا يعم، واستعماله رطباً أعم. كذلك القول في اللحم. وهذا غريبٌ، وظاهر المذهب ما قدمناه.

وبقيةُ الكلام في الباب التعرضُ للعظم.


(١) المُشَاشَة: رأس العظم اللين الذي يمكن مضغه (معجم).
(٢) الغضروف: العظم اللين الرَّخْص، في أي موضع كان (معجم).
(٣) أمخ العظمُ: صار فيه مخ، والمُخاخة ما خرج من العظم في فم من يمصّه وجمعه مخاخ، ومِخخة. (معجم وقاموس).