للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علينا أن نرجع إلى المصادر التي تحكي أقوال أئمة المذهب، وتنسبها إلى قائليها، لنرى هل صرحت باسم صاحب هذا القول الذي ذكره الإمام على الإبهام، بكنيته أو لقبه، فكنا نرجع إلى (المجموع) و (الروضة) للنووي، و (الوسيط) و (الوجيز) للغزالي وشرح الوجيز (فتح العزيز) للرافعي. وقد أفادنا ذلك أحياناً كثيرة.

لكن كل ذلك لم يبلغ مبلغ القطع إلا بعد أن انتهينا من ربع العبادات تقريباً، وأحصينا الأعلام، ومواضع ورودها، حتى استطعنا أن نعرف مصطلح الإمام، عندما يقول: أبو بكر، هل هو الصيدلاني أم الفارسي، وحينما يقول: أبو علي، هل هو أبو علي بن أبي هريرة، أم أبو علي السِّنجي أم أبو علي الطبري، أم أبو علي. بن خَيْران ... إلخ

ومن هذا الباب أنه يذكر أحياناً بعض الأئمة بقوله: " بعض المصنفين " مجهِّلاً اسمه، ودائماً يذكره في مجال التخطئة والإزراء عليه وعيبه، وحاولت أن أصل إلى من يعنيه بهذا فلم أظفر بقاطع، فخمَّنتُ أنه يعني به الماوردي، وذلك لما رأيته من شدته عليه في كتابه (الغياثي)، فقد ذكره ثلاث مرات عائباً له، وفي إحدى هذه المرات قال: " بعض المتلقين بالتصنيف " فقلت في نفسي: ها هي العبارة نفسها، فالاحتمال أن يكون المعنيُّ بها الماوردي احتمال قريب، ومن هنا راجعت كل المسائل التي قال فيها: " بعض المصنفين " على كتاب الحاوي للماوردي، لأرى هل الماوردي يقول بهذا القول المذكور، في هذا الموضع من كتابه، فلم أجد ذلك، ولا في مسألة واحدة، فقطعت بأنه لا يريد بهذا اللفظ الماوردي. وبقي السؤال من هو؟ إلى أن وصلت إليه بطول تقليبي لطبقات السبكي، فقد رأيته يقول: " وإمام الحرمين كثير الحطّ على الفوراني " ثم رأيته قال: " وحيثما قال في النهاية: بعض المصنفين، فهو يقصد أبا القاسم الفوراني "، فقطعت جهيزةُ قول كل خطيب، كما وجدت هذا أيضاً عند ابن كثير في البداية والنهاية (١)، وهو عن ابن خلكان (٢)، وعدت إلى ما كنت كتبته تخميناً، فمحوته، وكتبته تحقيقاً.

فهذا هو العمل في ترجمة الأعلام، وليس المطلوب تفريغ كتب التراجم والطبقات على هوامش الكتاب.


(١) البداية والنهاية ١٢/ ٩٨.
(٢) وفيات الأعيان: ٣/ ١٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>