للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومقتضى المعاملات أن الشرائط إنما تؤثر إذا ذكرت في صلب العقود، فلو أجرى المتعاقدان شرائط قبل الإقدام على العقد، ثم لما عَقدا العقد بالإيجاب والقبول، عرّياه عن التعرض عما كانا [تفاوضا] (١) فيه من الشرط فيما تقدم، [فالشرط] (٢) لاغٍ، والعقد مجرى على الإطلاق بالاتفاق.

وموجب هذا الأصل يقتضي أن يجري شرط الحرية بين الإيجاب والقبول في النكاح، ولكن لا سبيل إلى القول بذلك، وقد نص الشافعي على أن الأمة إذا كانت هي الغارّة، فيثبت الحكم بتغريرها، ويترتب على ذلك من أحكام الغرور ما سنصفه، إن شاء الله عز وجل.

وإذا كان يتصور التغرير منها وليست عاقدةً، ولا يتعلق بها من شِقّي العقد شيء، فيتبين بهذا أن التغرير ليس مما يجري إجراؤه في صلب العقد؛ إذ لو كان ذلك مرعياً، لما صدر التغرير إلا من عاقد.

وإن تكلف متكلف وفرض [ذكرَ] (٣) الوكيل في التزويج تغريرها في معرض الحكاية، كان ذلك هذياناً؛ فإنه وكيل من جهة المالك بحق الملك، فكيف ينتظم منه ذكر الحرية حكايةً؟ وقول الأمة -وهي مجبرة على النكاح- كيف يغيّر العقد، وليس إليها من العقد شيء؟ [أفلا] (٤) يتضح لكل ذي فهم أن تصوير التغرير من الأمة والمكاتبة، يُبيِّن أنا لا نقف صورة التغرير على إجرائه بين الإيجاب والقبول؟ ويجوز أن يذهب ذو الذكاء والفطانة من طريق المعنى إلى أن اشتراط كون العبد المبيع كاتباً لا يرعى فيه الإقرار بالعقد، وذلك أن الغرض من شرط كون العبد كاتباً إعلام المشتري بذلك؛ فإن العقود مبنية على ظاهر العلم بالسلامة، فكفى ذلك، وكان سبباً في إثبات الخيار عند ظهور نقيض السلامة، والفضائل ليست تنضبط بعادة مطردة، فيصير ذكر البائع لها بمثابة اطراد العادة في حِسْبان السلامة من العيوب، وإذا كان كذلك


(١) في الأصل: يتفاوضا.
(٢) زيادة اقتضاها السياق.
(٣) في الأصل: ذلك.
(٤) في الأصل: فلا.