للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فقد] (١) يخطر في مجاري فكر الفطن أن ذكر مَنْقبةٍ في العقد على الاتصال بالعقد قبل الإقدام على شقيه يثبت الخيار إذا تحقق الخُلف فيه، وقد يشهد لذلك التصريةُ والتحفيل؛ فإن ما ترتب عليه من ظن غزارة اللبن يضمن الخيار إذا أخلف الظن، والتصرية متقدمة إنشاءً وفعلاً.

ثم من أساليب الكلام في هذا الفن أن يقول الفقيه: الشرط الذي يُرعى اقترانه بالعقد هو الشرط المفسد؛ فإنه إذا قرن بالعقد، صار كيفيةً في العقد وصفةً فيه، وليس هو من قبيل الإعلام حتى يُكتفى فيه بسابق يغلب على الظن [تحققه. هذا] (٢) مسلكٌ. وقد يتصل به أنا إذا منعنا شراء الغائب؛ ثم أقمنا تقدم الرؤيةٌ مقام الرؤية المقترنة، وقلنا: لو تقدمت رؤيةٌ وتخلل بينها وبين العقد زمن لا يغلب فيه تغير المبيع، ثم اتفق أن المشتري [الباني] (٣) على الرؤية المتقدمة صادف المبيع متغيراً؛ فله الخيار، وإن لم يكن التغير إلى عيب، ونزّل المحققون الرؤية المتقدمة منزلة اشتراط المناقب والفضائل مع اختلاف الشرط، فهذه رؤية تقدمت، وهي مشبّهةٌ بالشرط، فأشعر هذا الترتيب بما ذكرناه من حِسبان تقدم الشرط في مناقب المبيع مؤثراً. هذا نجاز هذا النوع من الكلام.

٨٢٤٤ - وقد يعارض هذا كلامٌ أفقهُ منه، وهو أن الفضيلة المشروطة لا تنزل منزلة السلامة الغالبة المعتقدة في المبيع؛ فإنَّ التعويل في هذه المنقبة على قول المخبر، وقوله متردد بين الصدق والكذب، ولو كان سمع مشتري (٤) العبدِ عُدولاً يُخبرون عن كتابة عبدٍ، فبنى الشراء عليه، ثم تبين اختلاف الظن؛ فلا خلاف أنه لا يملك الفسخ.

وقول العدول الذين لا غرض لهم في ملك الغير أحرى بتغليب الظن من قول الفاسق البائع المتهم [بأنه] (٥) يُروِّج متاعَه، وهو على شفا (٦) وغارّ، فلا يحصل الإعلام


(١) في الأصل: قد.
(٢) زيادة من تقديرنا. نرجو أن تكون صواباً.
(٣) في الأصل: الثاني.
(٤) عند ابن أبي عصرون: "مُسْتامُ" وهي أولى من "مشتري".
(٥) في الأصل: أنّ.
(٦) عند ابن أبي عصرون: "على شفا وِفاز" والوفاز جمع الوَفَز، وهو العَجَلة.