للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بهذا، وإن قال القائل: [ألسنا] (١) نعتمد في صحة البيع قولَ البائع في أن المبيع [ملكُه] (٢)، وقولَه في أن ما يبيعه لحم مُذَكَّاةٍ، قلنا: لأجل هو كذلك، وليس هو لإثارة قوله علماً وظناً، ولكن اضطررنا إلى تنزيل العقود على أقوال العاقدين؛ فإنا لو كُلِّفنا غير ذلك في العقود؛ لعظم الأمر، وشقَّ المأخذ.

والذي يقتضيه الفقه أن الفضيلة إنما تصير مشروطة بالتزامها وإنما يتحقق التزام صفة المبيع حالة البيع، فسبيل اقتضاءِ الشرطِ الخيارَ هذا لا غير.

٨٢٤٥ - فإذا تنبه الناظر لهذه المسالك، جاز أن نقول بعدها: أما الشرط المفسد للعقد، فإنما يؤثر إذا اقترن بالعقد لما ذكرناه، ولو قُدِّم على الاتصال، فالمذهب أنه لا يؤثر، وفيه وجه بعيد: إنه يؤثر؛ أخذاً من مسألة مهر السر والعلانية. وشرطُ الخيار في العقد، وكذلك شرط الأجل وقتها وقت الشرط المفسد، فأما شرط فضيلة في المبيع، فالذي قدمناه من الإعلام ترديد القول فيه توطئةً لطرق الكلام، والمذهب المبتوت أنه لا بد من الالتزام، ولو قدم شرط الفضيلة في النكاح، انقدح فيه الوجه الضعيف المذكور في مهر السر والعلانية.

وأما ما مهدنا به في تمهيد الكلام من التصرية، فلا متمسك به من وجهين: أحدهما - أن مسألة المصراة [خبرية] (٣)، فلا ينبغي للقياس أن يبسط فيها، والآخر أن كثرة [اللبن] (٤) محسوس في الحال، والنظر [مَزْوِيّ] (٥) مطوي عما يفرض من تحفيل وتصرية، وأما مسألة تقدم الرؤية في تفريع الغائب؛ فسبب الخيار ضعف الرؤية وانحطاطها عن إفادة العلم حالة العقد بسبب ما طرأ من التغير، فَلْيُقرَّرْ كل أصل على موضوعه. هذا قولنا في البيع وما شرط فيه، وكذلك ما في معناه من عقود المعاملات.


(١) في الأصل: لسنا.
(٢) في الأصل: "لكمه" صحفت بقلب الحروف، والمثبت من ابن أبي عصرون.
(٣) في الأصل: جبرية، ومعنى خبرية أن معتمدها الخبر لا القياس.
(٤) في الأصل: "اللبس".
(٥) مزويّ: من قولهم: زوى السرَّ عنه: طواه، وزوى الشيء عنه: صرفه، ونحاه. (المعجم) ثم هي في الأصل: بالراء المهملة.