للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٨٢٤٦ - وأما النكاح؛ فالقول في الشرائط المفسدة له كالقول في الشرائط المفسدة للبيع، لا يختلف وقت الشرطين في العقدين. وأما الغرور، فلست أراه -أحسن اللهُ إرشادكم- من باب الشرائط. ومن وُفِّقَ لرُشده، تبين له من ترجمة الباب ذلك؛ فإنَّ الباب مترجم بالغرور، فلا ينبغي أن يلحق في وضعه بالشرائط وأحكامها ومواقيتها، ويجب أن يقال: إذا جرى التغير قبل العقد متصلاً، ارتبط به حكم الغرور، وسأصف الاتصال ومعناه. ويخرّج على ذلك صدَرُ (١) التغرير من الأمة والمكاتبة.

ثم ليعلم الناظر أن أجنبياً لو ذكر حرية أمة، وابتنى العقد عليه، فلا يتعلق بقول ذلك الأجنبي مرجع في غرم، وإنما يثبت حكم التغرير على الكمال إذا صدر من عاقدٍ أو معقود عليه، أما العاقد، فهو الذي غرر، ثم أوقع المغرور في العقد، وكان محقِّقاً تغريرَه، وأما المنكوحة فبها اتصال العقد، فلها حظ في مستمتع العقد، فظهر تصديها للتغرير من حيث دعت إلى نفسها.

والذي يحقق ذلك أنا قدّرنا قولين في باب العيوب في الرجوع على الأولياء، ولم يصدر منهم شرط والتزامه، وقاعدة التغرير مشهورة، ومن صورها أن يقول صاحب اليد في الطعام لمن يقدمه إليك: "دونك فكُلْه"، أو "هذا طعامي فتناوله"، فهذا تغرير ولا عقد. ثم إذا وجهنا قولاً على قول في التغرير بتقديم الطعام، استمسكنا بالتغرير في النكاح. هذا تمام ما أردناه.

ولو أنصفنا لقلنا: الرأيُ لا يُسلّطُ على الرجوع على الغارّ في النكاح، ولكن إنما صرنا إلى ما صرنا إليه لقضاء عمر واتفاق الناس على اتباعه، والنكاح أيضاً على حال مُخطرٍ (٢)، وهو معقود للأبد، معدود من أسباب النسل، فخُصّ في الشرع بالتغليظ على [المغرِّر] (٣) فيه، وأمّا البياعات؛ فإنها معاملات تجري يداً بيد، فمدارها على الالتزامات.


(١) صَدَر: أي صدور.
(٢) مخطر: من قولهم: بادية مخطِرة، أي من يدخلها بين السلامة والتلف. (المعجم) هذا ويحتمل أن يكون الصواب: "على حالٍ خطرة: أي عظيم الشأن والأثر والخطر".
(٣) في الأصل: المغرور.