للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والذي يحقق الغرض من ذلك أن الوكيل مُزوِّجَ الأمة إذا ذكر حريتها من عند نفسه، فقوله هذا لغو ولا يتحقق منه التزام، على خلاف إذن المالك، ففي مُقرَنه من الإشكال ما في متقدمه، فهذا في غاية البيان.

٨٢٤٧ - وتمامه بذكر الاتصال وشرحه، فإذا ذكر الرجل أن فلانة حرة، ولم يقصد بهذا تحريضَ سامعٍ على نكاحها، ثم اتفق من ذلك السامع نكاحها بعد أيام، وقد تعاطى تزويجَها من كان يذكر حريتها بتوكيل المالك إياه؛ فلست أرى هذا تغريراً، والرجوع فيه إلى العُرف.

ولو جرى ذكر الحرية في معرض الترغيب في النكاح، ثم اتصل به التزويج، بحكم الوكالة من المغرِّر، فهذا هو التغرير في حقه.

وإن اقترن ذكر الحرية، وشرطُها بالعقد، فهو الذي لا كلام فيه؛ فإنه على أقصى نهايات الاتصال.

ولو جرى ذكر الحرية لا في معرض تحريض الحاضر على [الزواج،] (١) ثم اتفق على القرب العقدُ، فهذا فيه تردد. وكذلك لو جرى ذكر الحرية في معرض التحريض، ثم جرى عقد النكاح بعد تخلل زمان يُعدّ مثله فاصلاً لما مضى عما أتى به من العقد؛ فهذا على تردد. ومهما (٢) نيط الأمر بمجاري العادات، فمحل القطع فيها على النفي والإثبات بيّن، ومحل التردد فيها يفضي إلى التردد في الحكم، والأمة إذا ذكرت حرية نفسها، فالقول في اتصال كلامها وانفصالها على ما ذكرناه.

وقد انتجز المقصود في تصوير الغرور، ولم يبق منه شيء إلا أمر واحد، وهو أن الأئمة ذكروا قولين في أن شرط الحرية إذا أخلف، هل يوجب فساد النكاح؛ على ما سنذكره -إن شاء الله تعالى- وهذا مخصوص بالشرط المقترن لا محالة؛ لما مهدناه من أن الشرائط المؤثرة في الإفساد لا بد وأن تفرض مقترنة بالعقد؛ فإنهم ذكروا التغرير وقرنوه بإجراء القولين في فساد العقد، ولكن يمكن حمل هذا على ما إذا جرى


(١) في الأصل: الزوج.
(٢) (مهما): بمعنى إذا.