بغير جنس حقه على الأصح؛ فإنه لا يتوصل إلى حقه إلا ببيعتين، فهي أبعد عن ثوب يظفر به. ومن أصحابنا من ألحقه بالظفر بجنس حقه.
وفائدة ذلك القطع بجواز الأخذ، ثم لا طريق إلى التملك، ولا وجه إلا ما ذكرناه.
١٢٣٢٢ - وإن ظفر بغير جنس حقه وقلنا: له أخذه، فهل يبيعه بنفسه؟ فعلى وجهين: أظهرهما في النقل - أنه لا يبيعه بنفسه، بل يرفعه إلى القاضي ليبيعه، ثم القاضي لا يبيع مُعوِّلاً على قوله، بل يبني الأمر على علمٍ.
ومن أصحابنا من جوّز للظافر أن يبيع بنفسه، على شرط الاحتياط، وهذا لائق بغرض الباب؛ فإنه ربما يعجز عن تقرير الحال في مجلس القضاء؛ فإنه قد لا يجد بينة في إثبات دَيْنه، وإن وجدها، فقد يعجز عن إثبات كون هذه العين ملكاً لمن عليه الدين، وإنما أُثبت التسلُّطُ لصاحب الحق ليصل إلى حقه المتعذر.
ثم إذا قلنا: للظافر أن يبيعه بنفسه، فقد قال الأئمة: يبيعه بنقد البلد -وإن كان حقه بُرّاً أو شعيراً- ثم يصرف نقدَ البلد إلى حقه، ويجري في ذلك مجرى الوكيل بالبيع المطلق. هكذا ذكره القاضي، وفيه إشكال؛ فإن من عليه الحق، إذا تمكن من بيع ثوبه بالبر، فليس له أن يطوّل ببيعه بالدراهم إذا لم يكن له غرض مالي، وأيضاً فإن وجد الدراهم الصحيحة، وحقه المكسرة، يبيع الدراهم الصحيحة بالدنانير، وإن لم تكن الدنانير غالبة. ويمكن أن يجاب عن هذا بأن الضرورة تدعو إليه.
وقد ذهب طائفة من محققينا إلى أنه لو أراد البيع بجنس حقه، جاز، وهذا متجه حسن.
ثم إذا أخذ ثوباً عن حقه، فليس له أن يستعمله، وإنما له حق البيع فحسب، ولو تلف في يده، تلف من ضمانه. هكذا قال الأصحاب. وليس كما لو دفع من عليه الحق إلى مستحق الحق ثوباً ليبيعه، ويصرف ثمنه إلى نفسه، فلو تلف في يده، لم يضمنه. والفرق أن مالك الثوب ائتمنه في ذلك الثوب، والآخذ الظافر مستقل بنفسه.