للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد روي أنهم كانوا يتلقنون خمساً من القرآن، ثم لا يجاوزونها حتى يعلموا ما فيهن، ويعملوا بما فيهن، فكان القراء فقهاء في ذلك الزمان.

وقد قال بعض جلة الصحابة: "نحن في زمان قل قراؤه، وكثر علماؤه، وسيأتي زمان يقل علماؤه، ويكثر قراؤه"، وقيل: كان يستقلّ بحفظ جميع القرآن ستة نفر: أبو بكر، وعثمان، وعلي، وزيد، وأبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود. ثم لحقهم من بعدهم، عبد الله بن عباس، فاستظهر القرآن.

وللكلام على الحديث سرٌّ به يتم الغرض وهو: إن عمر كان مفضَّلاً على عثمانَ، وعليّ، والثلاثة الذين ذكرناهم بعدهم، وكان أعلم وأفقه منهم، ولكن كان يعسر عليه حفظ القرآن، وقد جرى كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأعم الأغلب لما قال: يؤمكم أقرؤكم.

فهذا ما أردناه. فالقراءة والفقه، مقدمان على جملة الصفات المرعية. والفقه مقدّم على المهارة في القراءة.

١٢٤٩ - وكان شيخي يقول: الورع مقدم على الفقه؛ فإن المتورع موثوق به، ولا يعدل المحقَقُ بالديانة والورع شيئاًً، وهذا فيه نظر.

والوجه عندي أن نقول: الورِع العارفُ بمقدار الكفاية، مقدم على الفقيه [القارىء] (١) الفاسق؛ فإنا لا نأمن ألا يحتفل الفاسق برعاية الشرائط.

فأما إذا كان الفقيه ورعاً أيضاً، ولكن فضَلَه في الورع صاحبُه، فالفقه مقدم عندي على مزيّة الورع.

١٢٥٠ - ثم نتعرض بعد الفقه والقراءة للسن والنسب، فلا يوازيهما في مقصود الباب بعد الفقه والمهارة في القراءة شيء، ثم إذا اجتمع سن ونسب، والمعني بالنسب المعزي (٢) إلى قريش، فقد ذكر الشيخ أبو بكر وجهين، وفي بعض التصانيف قولان:


(١) زيادة من (ت ١)، (ت ٢).
(٢) الفعل (عزا) واوي ويائي.