للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وانحازت تلك الفئة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في القيام ينتظرهم، فاقتَدَوْا به، فلما جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، انتظرهم حتى أقاموا الركعة الثانية، ثم لحقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في التشهد، وتشهدوا، فسلم بهم الرسول صلى الله عليه وسلم.

فهذه رواية خَوَّات وهي صحيحة متفق (١) على صحتها، ورواها طائفة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا الوجه، منهم سهل بن أبي حثمة (٢).

وروى الزهري عن سالم عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صدع المقاتلين صدعين، وتنحى بطائفة، فصلى بهم ركعة، فلما قام إلى الركعة الثانية، مشى المصلون إلى الصف، وأخذوا مواقف إخوانهم، وانحاز أولئك إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وصلوا معه الركعة الثانية، وتحلل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة، فمشى هؤلاء إلى الصف في الصلاة، وانحاز الأولون إلى أماكنهم من الصلاة، فأتموا الركعة الثانية، ثم مشَوْا إلى الصف، وقد تحللوا عن الصلاة، ورجع الذين كانوا في الصلاة، وانحازوا إلى أماكنهم في الصلاة، وتمموا الركعة الثانية وتحللوا، وعادوا إلى الصف" وهذه الرواية أيضاً صحيحة (٣)، لم يختلف الأئمة في صحتها، وفيها تردد ومشيٌ في الصلاة، فهذا ما يتعلق بالرواية.

١٥١٠ - ونحن نبتدىء فنتكلم على تفصيل المذهب إن شاء الله.

فأما رواية خوَّات، فقد رأى الشافعي العمل بها، ولكن رواية ابن عمر صحيحة لا مراء فيها، وقد تردد الأئمة في وجه الكلام عليها، فقال قائلون: تجوز إقامة الصلاة على مقتضى رواية ابن عمر، ولكن الأولى روايةُ خوات؛ إذ ليس فيها أعمال


(١) الأمر كما قال إمام الحرمين، فرواية خوات بن جبير أخرجها الشيخان. (ر. اللؤلؤ والمرجان: ١/ ١٦١ ح ٤٨٣، والتلخيص: ٢/ ٧٦ ح ٦٦٩).
(٢) بفتح الحاء مثلثة الثاء. ورواية سهل بن أبي حثمة متفق عليها أيضاً (ر. اللؤلؤ والمرجان: ح ٤٨٢).
(٣) رواية ابن عمر متفق عليها أيضاً. (ر. اللؤلؤ والمرجان: ١/ ١٦١ ح ٤٨١، والتلخيص: ٢/ ٧٦ ح ٦٦٩).