للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للزم، ويبعد أن يثبت للرقيق حقٌّ لازم لا يمكن قطعه، وليس هذا كالنكاح، فإن النكاح وضعه أن يلزم للعبد والولاء تبع الملك، فإذا كان الملك لا يلزم، فيبعد أن يلزم ما هو تابع للملك.

فإذا ثبتت هذه المقدمة في الولاء، رجعنا إلى التكفير، فإن قلنا بالقول الغريب الذي حكاه صاحب التقريب، وهو أن الولاء يثبت للعبد الرقيق في حال رِقه، فإذا أذن له مولاه في إعتاق العبد الذي ملّكه عن كفارته، فإذا أعتقه، وقع عن الكفارة، ولا إشكال.

وإن قلنا: الولاء موقوف، فمن أصحابنا من قال: يقع العتق عن كفارته ناجزاً في الحال وإن قضينا بوقف الولاء، هكذا حكاه الصيدلاني وغيره من أئمة المذهب، وقال الصيدلاني: الوجه عندي أنا إذا حكمنا بوقف الولاء، فينبغي أن تكون الكفارة موقوفة أيضاً، فإن الإجزاء في هذه المسألة يتبع الولاء، ويبعد أن نقطع بالإجزاء مع التوقف في الولاء، وهذا الذي قاله من تلقاء نفسه واختاره لم يذكر القاضي غيرَه، وقطع به، ووجهه بيّن.

ولو أعتق المكاتَب عن كفارته بإذن السيد على قولنا بنفوذ تبرعاته إذا صدرت عن إذن السيد، قال (١): فالذي ذكره الأصحاب أن ذمته تبرأ عن الكفارة، والذي عندي فيه أن الأمر موقوف؛ فإن المكاتب ربما يعجِز فيَرق، ثم إذا عاد رقيقاً، فيجب أن يكون الولاء موقوفاً، وإذا كان موقوفاً، وجب وقف الكفارة. هذا كلام الصيدلاني نقلاً واختياراً.

وحكى الإمام شيخي قولاً غريباً أن العبد إذا أَعتق بإذن مولاه العبدَ الذي ملّكه إياه، ينفذ العتقُ والولاء للسيد، ويقع العتق عن كفارة العبد.

١١٧٤٦ - هذه طرق الأصحاب، وبعدها بحثٌ قريب: وهو أنا إذا حكمنا بأن الولاء للسيد، فالعتق عمّن؟ ينقدح فيه من قول الأصحاب وجهان: أحدهما - أن العتق يقع عن السيد، وكأن الملك ينقلب إليه، وينفذ العتق عنه، ولذلك انصرف


(١) أي الصيدلاني، كما سيصرح باسمه بعد قليل.