تخريجه على ما ذكرناه، من أن الزكاة مؤنةٌ أم استرداد طائفةٍ؟ فإن قلنا: إنه مؤنة، فلا يمتنع أن يخرجها من عين المال، وإن قلنا: الزكاةُ كإخراج طائفةٍ، فيمتنع عليه إخراجُ الزكاة دون الإذن، كما يمتنع عليه التصرف في نصيب نفسه قبل المقاسمة.
٢١٣٣ - ومما يتم به التفريع أنا إذا أوجبنا الزكاة على العامل، فابتداء حوله من أي وقتٍ يحتسب؟ اختلف أئمتنا في ذلك: فذهب بعضهم إلى أن ابتداء الحول من ظهور الربح، بارتفاع السعر، ووجه ذلك بيّن.
وذهب بعضهم إلى أن الحولَ يحسب من حول رأس المال؛ فإنه الأصل، ووجهه استفادة الربح للمالك والعامل على وتيرة، فإذا كان حول نصيب المالك من يوم ما ملك رأس المال، فكذلك نصيبُ العامل يجب أن يحتسب حولُه من حول رأس المال.
٢١٣٤ - ومن تمام البيان في هذا الفصل أنا [إذا](١) قلنا: يجب على العامل زكاةُ نصيبه، فالمالك يُخرج زكاة المال، وزكاةَ نصيبه، والظاهر على هذا القول أنه يكون ما يخرجه من المال بمثابة استرداد طائفة؛ فإن العاملَ اختص بالتزام ما اختصه، والمالك كذلك؛ فبعُد تقدير المؤنة فيه، وإنما يتجه الوجهان على قولنا: لا يملك العامل، ويخرج المالكُ زكاة جميع المال، فكأنَّا في وجهٍ نقول: لا نشترط تمام الملك، فيما شرط للعامل، بل نوجب الزكاة، كما نوجب المؤن، فأما إذا تخصص كلُّ واحد بالتزام ما عليه، فيبعدُ تقدير المؤنة، وقد أشار إلى ما ذكرناه من الفرق بين القولين الصيدلاني، وهو فقيه حسن، ولم يتعرض لتخصيص الوجهين بأحد القولين أحد غيره.
وبالجملة القطع بإيجاب الزكاة في جميع الربح على المالك على أحد القولين مشكل، والوجه تخريجه على المغصوب والمجحود والأملاك الضعيفة.