للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال المزني: الربعُ الموقوف لا يصرف إلى الأولين؛ فإنهم ليس يدعون، بل معترفون بأنه يُسْتَحق للولد الجديد بحكم اعترافهم، وقد تعذر الصرف إليه بسبب نكوله عن اليمين، فلا وجه للرد إلى الأولين، وهذا الذي ذكره لا يُنكِر اتجاهَه في القياس منصفٌ، ولا حاجة إلى الإطناب فيه.

والمقدار الذي ذكره الأصحاب لنصرة النص ما حكَوْه عن ابن سريج؛ فإنه قال: كان الأولون مستحقين لجميع الوقف قبل وجود هذا المولود، فإذا وجد دخل استحقاقُه على الأولين دخولَ العَوْل، وكل استحقاق يبقى على استغراق، فهكذا يكون، ثم استحقاق العول موجَبُه الصرفُ إلى المستغرقين إذا تعذرت جهة العول.

وهذا يناظر الديون والتركة [فإذا كانت التركة ألفاً] (١) والدين ألف، فهي مصروفة إلى الدين، فلو ظهر ألف آخر، فالتركة بينهما، فلو أسقط صاحب الدين الظاهر حقَّه، فصاحب الأول يستغرق التركة، وهذا كلام نظمه ابن سريج، ولا يتصور مصادمة معنى مذهب المزني به؛ فإن الاستحقاق ثبت في الربع للولد الجديد، ولا ينفع بعد هذا التقديراتُ والتلقيباتُ، والمزني يقول في مسألة الدّينين: إذا لم يحلف صاحبُ الدين الثاني لا يأخذ صاحب الدين الأول إلا ما يخصه. نعم، إذا أبطل الثاني دينَه بإبرائه، فالتركة تصرف إلى الأول.

ومسألة الدَّينين فيه إذا اعترف الأول بثبوت حق الثاني، وقصّر الثاني في إثبات التركة لتكون متعلقاً لدينه، وأما إبطال الثاني دينه، فلا نظير له من الوقف؛ فإن النكول لا يُبطل الحق من الوقف، بدليل أن الناكل لو وجد بيّنة (٢)، أقامها واستحق بها، ولو أقر المنكر [ثبت] (٣) بإقراره ما فيه النزاع، والأولون معترفون بثبوت الوقف للرابع، وتقصيره لا يبطل إقرارهم، بل يؤاخذون به.

١٢٠٨٣ - والوجه عندنا إلحاق مذهب المزني بالمذهب، واعتقادُه قولاً منقاساً


(١) زيادة من (ق).
(٢) أي شاهداًً ثانياً.
(٣) زيادة من (ق).