للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فروى (١): العظيم من المال عشرون ديناراً، ولا يظن بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تقدير من غير تثبت عندهم.

فأما عيوب النساء، فأمرها خطير يلتحق بالنكاح وما في مرتبته، وإن كان يثبت بالشاهد والمرأتين؛ فإن سبب ذلك الضرورة الداعية إلى قبول شهادة النسوة المتجردات. ثم ترتب عليه إقامة رجل مقام امرأتين.

ومما نذكره أن الوكالة في التصرف في مقدار نزرٍ من المال قياسها تغليظ اليمين فيها، لأنها لا تثبت برجل وامرأتين تعظيماً للولاية، وملك التصرف.

وفي النفس من هذا شيء؛ فإن الوكالة في الدرهم خسيسة، وهي أخس من ملك الدرهم، فإن تصرف المالك أقوى من تصرف الوكلاء، وشرطُنا شاهدين في الوكالة لا يحمل على شرف الوكالة، وإنما يحمل على اتباع التعبدات في مراتب الشهادات، والتغليظ يتلقى من عظم قدر ما فيه الخصومة، فإذا كنا نغلظ ما يتعلق ببواطن النساء مع ثبوته بالشاهد والمرأتين، لم يبعد أن نخفف ما يتعلق بالوكالة، وإن كانت لا تثبت إلا بشاهدين.

هذا قولنا فيما يجري التغليظ فيه.

١٢٠٨٧ - ثم كيفية التغليظ بالمكان والزمان مضى ذكرهما في كتاب اللعان، والذي نذكره ههنا أن التغليظ بالمكان هل يُستحَق؟ فيه قولان لا يخفى توجيههما تعلقاً بالوجود من وجه، وحملاً على الاحتياط من وجه، ووجه التعلق بالوجود أنه لو لم يجب، لما جاز لما أشار إليه عبد الرحمن بن عوف من خشية التهاون.

ثم قال الأصحاب: في تغليظ الأيمان على الكفار، نحلّفهم في كنائسهم وبيعهم، ولا نحلّف المجوسي في بيت النيران؛ فإنها ليست محترمة، وهذا وإن صار إليه الأصحاب مشكل، وقد قال صاحب التقريب: نحلفهم في بيوت النيران. ووجه ما قاله الأصحاب أن البيع والكنائس محترمة، فنسخت حرمتها، فلا يبعد الاستمساك بما كان، ولم يثبت احترام بيوت النيران في ملة من الملل.


(١) فروى: أي الشافعي (ر. المختصر: ٥/ ٢٥٤).