للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومما ذكره أن من ادعى على إنسان شيئاً، فادعى المدعى عليه أنه صبي، وكان ما يقوله محتملاً، فالخصومة تقف، فلو قال المدعي: حلّفوه على الصبا، لم نحلّفه، لأن الصبيَّ لا يحلّف، وتحليفه ينافي قبولَ دعواه.

١٢١١٥ - فأما المسائل التي ذكرها من النوع الثاني، وهي إذا امتنع رد اليمين بعد نكول الخصم، فمنها: أن الساعي إذا طلب الزكاة، فقال رب المال: قد أديتُها، فالقول قوله، فإن حلَّفناه، فنكل، فلا سبيل إلى رد اليمين على الساعي، ولا على المستحقين -ولا حصر لهم- فماذا نصنع والحالة هذه؟ فيه تفصيل قدمتُه في كتاب الزكاة، وأنا أعيد منه ما أظن أني لم أذكره، فأقول: من أصحابنا من ذهب إلى أن اليمين غيرُ مستحَقة على رب المال، فعلى هذا لا أثر لنكوله. ومنهم من قال: اليمين مستحَقة عليه، فإذا حلفناه، فنكل، ففي المسألة أوجه: أجدها- أنه يُقضى عليه بالنكول؛ فإن اليمين قد تعذَّر ردُّها (١)، والثاني - لا يقضى بالنكول؛ فإنه ممتنعٌ على أصل الشافعي، ولا سبيل إلى الرد، فيُحبَس المدعى عليه حتى يحلف أو يؤدي ما عليه ويُقر.

وهذا بعيد عن قاعدة الشافعي؛ فإن الإجبار على التحليف إنما صار إليه أبو حنيفة في القسامة وغيرها.

والوجه الثالث - أنا نفصل بين أن يكون رَبُّ المال على صورة المدعين، وبين أن


=يمين عليه. قلته تخريجاً على المسألة الأولى.
[ثالثاً]- وكذلك لو ادعى عليه شيئاً في يده، فقال: هو لولدي الصغير، لم يحلَّف. [رابعاً]- وكذلك لو ادعى رجلان في امرأة، فأقرت أنها زُوّجتْ لأحدهما، لم تحلَّف للآخر " (ر. التلخيص: ٦٤٥).
هذه هي المسائل الأربع التي ذكرها التلخيص نصَّاً، وليس فيها واحدة من الثنتين اللتين نسبهما الإمام إليه. ولكن فيها الثنتين اللتين ذكر الإمام أن الأئمة ألحقوهما بما ذكره صاحب التلخيص.
هذا وقد خالفنا منهجنا، فلم نكتف بالإشارة إلى الموضع من (التلخيص)، وأوردنا النص بكامله -محتملين الإطالة على كُره- تأكيداً للدعوى التي ادعيناها على الإمام.
(١) هذا ما ذكره صاحب التلخيص: ٦٤٦.