والقول الثاني - إن العقوبات بجملتها تثبت بالشهادة على الشهادة، وهذا قول منقاس.
والقول الثالث - إن القصاص يثبت بالشهادة على الشهادة، دون العقوبات التي تثبت لله. وهذا الفرقُ بين الحقّين في اختصاص حق الله المتعرض للسقوط، ولذلك يقبل فيها الرجوع عن الإقرار، بخلاف القصاص. والمنصوص عليه للشافعي في القصاص أنه يثبت بالشهادة على الشهادة. ومن أجرى فيه قولاً كما ذكرناه، فهو مُخَرّج. وحد القذف في مقصود الفصل جارٍ مجرى القصاص.
ثم كتاب القاضي إلى القاضي في معنى الشهادة على الشهادة، سواء فرض تحمل الشهادة وإحالة القضاء على المكتوب إليه، أو فُرض القضاء من الكاتب وإحالة الاستيفاء إلى المكتوب إليه، فالأقوال خارجة، ولكن وجه خروجها أنا إن منعنا الشهادة على الشهادة، فلا معنى لسماع القاضي الشهادة على غائب، وإن فرضنا في القضاء. فلا شك أنه لا يفرض نفوذه؛ فإنه فرع سماع الشهادة، وإذا امتنع سماع الشهادة على الغائب، لم يتصور فصل القضاء.
هذا قولنا فيما يجري فيه الشهادة على الشهادة. فأما
الفصل الثاني
١٢١٥٣ - فقد قال الشاقعي رضي الله عنه:" وإذا سمع الرجلان الرجل يقول: أشهد أن لفلان على فلان ألفَ درهم ... إلى آخره "(١).
فنقول: إذا سمع الشاهد رجلاً يقول في غير مجلس القضاء: أشهد أن لفلان على فلان كذا، لم يصر هذا السامع شاهداً على شهادته بهذا المقدار؛ فإن الإنسان قد يقول: أشهد على أن لفلان على فلان كذا، وهو يشير إلى عِدَةِ في منحةٍ يتعلق الوفاء بها بمكارم الأخلاق، وليس قوله هذا في مَفْصل القضاء، حتى يُحمل على تأدية