للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مقصودة مجردة مرقّاة عن احتمال الكلام الذي قد يجريه الإنسان من غير تثبت.

حتى قال الأصحاب: لو جرى تحكيم، وكان شاهد الأصل شهد في مجلس الحكم، فسمع شهادتَه من حضر، فله أن يشهد على شهادته، وللمحكَّم نفسِه أن يشهد على شهادته.

فخرج من مجموع ما ذكرناه أن المطلوب تجريدُ الشهادة، وإيرادُها خارجةً عن توهّم التوسّع والتجوز، ثم هي متحمَّلة كسائر الأقوال والأفعال (١) التي يتحملها الشهود إذا رأوا أو سمعوا.

١٢١٥٥ - ولو قال شاهد الأصل " أشهد أن لفلان على فلان ألفَ درهم من ثمن شراء أو أجرة إجارة أو جهةٍ أخرى من جهات اللزوم "، فهل للسامع أن يشهد على شهادته؟ من غير استرعاءٍ من جهته، ولا إقامةٍ منه لشهادته في مجلس قاضٍ أو محكّم. اختلف أصحابنا في المسألة: فذهب الأكثرون إلى أنه لا يجوز تحمل الشهادة على شهادته لمجرد ما وصفناه، ومنهم من قال: يجوز تحمل الشهادة.

توجيه الوجهين: من جوّز التحمل، احتج بأن شاهد الأصل لما نص على جهة اللزوم، فقد صرح، وأخرج كلامَه عن احتمال العِدَة. فينبغي أن يجوز التحملُ.

ومن منع -وهو الأظهر- قال: إن زال احتمال الوفاء بالعِدَة بقي إمكان التجوز والتوسع، فإن الإنسان إنما يتثبت في مجلس القضاء أو في مجلس الاسترعاء.

ومما ذكره الأصحاب أنه لو قال: أشهد أن لفلان على فلان كذا، وهذه شهادة أبتّها ولا أتمارى فيها، فهل يجوز التحمل بهذا المقدار؟ فيه وجهان قريبان مما قدمنا الآن، لأنه وإن قال: هذه شهادة مبتوتة عندي، فقد يتثبت في إقامتها عند مسيس الحاجة إليها.

١٢١٥٦ - ولم يختلف أصحابنا في أنه لا بد وأن يذكر لفظ الشهادة، حتى لو قال: أستيقن أن لفلان على فلان كذا، فاشهدوا على قولي، لم تجز الشهادة على شهادته، وهذا، كما أنا نشترط لفظ الشهادة في مفصل القضاء ولا نقيم غيرَه من الألفاظ


(١) هذا هو الوجه الثاني من الورقة المقلوبة وهو يحتل رقم ١٧١ ش.