للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

قال: " ولو ادعى على رجل من أهل الجهالة ... إلى آخره " (١).

١٢١٧٠ - مقصود الفصل الكلامُ في تسبيب القاضي إلى درء الحد، قال صاحب التقريب: إذا رُفع إلى الإمام من يتهم بالسرقة أو غيرها من موجبات الحد، فللقاضي أن يعرّض بما يتضمن حملَ المرفوع إلى مجلسه على إنكار السرقة، حتى لا تثبت الحدود، وذلك ثابت في الحديث، فإنه عليه السلام قال للمرفوع إليه بتهمة السرقة: " ما إخالك سرقت " وفي بعض الألفاظ " أسرقت؟ قل لا! " (٢) قال ذلك سراً.

ثم قال صاحب التقريب: ينبغي أن يكون التعريض بما يُسقط الحد، ولا يجوز أن يكون التعريض بما يدرأ الغرم؛ فإن التعريض فيما يتعلق بالأموال غير سائغ.

وهذا إذا لم يبتدر إلى الإقرار.

فإن أقر صريحاً، فهل يعرّض بالرجوع عن الإقرار؟ الذي ذهب إليه الأكثرون أنه لا يعرّض؛ فإن الاحتيال (٣) ينبغي أن يكون في منع الثبوت، فأما في السقوط بعد الثبوت فلا.

ومن أصحابنا من قال: يجوز التعرض للرجوع عن الإقرار وتمسك بترديد رسول الله صلى الله عليه وسلم ماعزاً بعد إقراره بالزنا في القصة المشهورة، وهذا غير صحيح؛ لأن الرسول عليه السلام كان يستريب في عقله؛ إذ رآه أشعث أغبر فردّده لذلك، وليس في قصته تشبيبٌ بتلقينه الرجوع عن الإقرار.

ثم ظاهر ما ذكره الأصحاب أن المسوَّغ -قبل الثبوت وبعده على أحد الوجهين- التعريضُ، فأما التصريح فلا وجه له، وهو رفع لحجاب الهيبة، وتصريح بتعليم الكذب. فإذا كنا نُحرم التصريح بالخِطبة ونبيح التعريض بها، فليكن الأمر كذلك فيما نحن فيه.


(١) ر. المختصر: ٥/ ٢٥٩.
(٢) سبق هذا الحديث في السرقة.
(٣) ت ٥: " الاختيار ".