للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٢١٧٢ - ثم قال: " ولو شهد اثنان أنه سرق ثوب كذا ... إلى آخره " (١).

صورة المسألة: أن يشهد اثنان أنه سرق ثوباً وصفاه، وقيمته ربع دينار، وشهد آخران أنه سرق ذلك الئوبَ بعينه، وأن قيمته أقل من ربع دينار؛ أما القطع؛ فلا يجب؛ فإن ما جرى من اختلاف البيّنتين في أن قيمة المسروق هل بلغت نصاباً؛ من أقوى ما تُدرأ به الحدود. وأما الغُرم، فلا يثبت عندنا إلا أقل القيمتين.

وقال أبو حنيفة (٢): يثبت أكثر القيمتين. واعتل بأن المكثر عرف زيادة خصلة، غفل عنها المقلل.

قلنا: ربما عرف المقلل عيباً يوجب نقصان القيمة، غفل عنه المكثر، وهذا أولى؛ فإن الظاهر السلامة فربما بنى المكثر على ظاهر السلامة، واستدرك المقلل صفة خافية منقصة.

ولو اتفقا على الصفات، وصرحا بأنه لم يستقل واحد منا بمعرفة صفة لم يدركها آخر، وردوا النزاع إلى القيمةِ نفسِها، فلا يجب عندنا إلا الأقل أيضاً، حملاً على براءة الذمة.

فرع:

١٢١٧٣ - ذكره صاحب التلخيص (٣): إذا ادعى الرجل ألفَ درهم على رجل، وأقام شاهداً أن له عليه ألفاً، وشهد شاهد آخر أن عليه ألفَ درهم قد قضاه، فلا يثبت في هذه الصورة الألف أصلاً؛ فإن الشاهد الثاني لما قال: عليه ألف ثم قضاه، فقد تناقض قوله، وكيف يكون عليه ألف وقد قضاه، ولكن الشاهد الذي جزم شهادته بالألف ولم يُناقِضْ [قولَه] (٤) شهادتُه ثابتة، فلو أراد أن يحلف مع ذلك الشاهد، ويُثبت المال، جاز.

وبمثله لو شهد أحدهما أنه أقر بألف، وقال الثاني: أقر بألف، لكنه قضاه، ففي هذه المسألة وجهان ذكرهما الصيدلاني وغيره:


(١) ر. المختصر: ٥/ ٢٥٩.
(٢) لم نصل إلى هذه المسألة، بهذا التصوير، في كتب الأحناف التي راجعناها.
(٣) ر. التلخيص: ٦٥٢.
(٤) زيادة من (ت ٥).