للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٢١٩٣ - وكل ما ذكرناه طريقة واحدة للأصحاب؛ فإنهم قالوا: نصُّ الشافعي محمول على العتق في العبدين إذا نُجِّز في حالة الحياة والْتبس المتقدمُ والمتأخر. وقال هؤلاء: لو فرضنا الوصية بعتق عبدين بعد الموت، فليس فيهما إلا الإقراع، سواء جمع الموصي الوصيتين أو قدم إحداهما ذكرا على الأخرى من غير أن يوصي بمراعاة ترتيبه في تقديمه وتأخيره، وذلك لأن التفاوت في الذكر لا أثر له في الوصايا؛ إذ وقوع جميعها بعد الموت -وإن ترتبت في الذكر- فصارت الوصيتان بالعتق في العبدين بمثابة تنجيز العتق فيهما معاً في مرض الموت. هذه الطريقةُ المثلى.

واستتمامه أنه لو أوصى بعتق عبدين وأوصى بتقديم أحدهما عند ضيق الثلث، فلا شك أنا نمتثل أمره، فإن أشكل الأمر، فلم ندرِ أنه أوصى بتقديم سالم أو بتقديم غانم، فيعود في هذه الصورة صورة الوفاق، والقولين في أنا نقرع أو نوزع، كما ذكرناه في العبدين المعتقين في الحياة إذا سبق أحدهما، وأشكل عين السابق.

١٢١٩٤ - ومن أصحابنا من قال: مسألة (السواد) (١) مفروضة في الوصية بعتق العبدين، ثم هؤلاء رأوا الشافعي وزع العتق على العبدين، فالتزموا التوزيع في الوصايا، وخصصوا القرعة بالعتق المنجز في الحياة، وقد قدمنا ذكر ذلك، ثم لم ينظروا إلى التقدم والتأخر، بل قالوا: [لو] (٢) أوصى بعتق العبدين جمعاً في الذكر، وزعنا مقدار الثلث عليهما. وهذا مسلك ضعيف رمز إليه بعض الأصحاب، وصرح به القاضي نقلاً ثم زيّفه.

١٢١٩٥ - وقد انتجز حكم المسألة، وبقي تعلق كل فريق بلفظ الشافعي، ونحن ننقل لفظه على وجهه، ونذكر متعلَّق الأصحاب فيه (٣)، قال: " لو شهد أجنبيان أن فلاناً المتوفى أعتقه، وهو الثلث في وصيته، وشهد وارثان لعبد كيره أنه أعتقه، وهو الثلث في وصيته، عتق من كل واحد منهما نصفه ".


(١) السواد: هو مختصر المزني، كما ذكرنا ذلك مراراً، والمر اد المسألة التي ذكرها الإمام في أول الفصل.
(٢) زيادة من المحقق اقتضاها السياق.
(٣) ت ٥: " منه ".