للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في شهادته بين ما يرد شهادته فيه، وبين ما يقبل شهادته فيه، فإذا ردّت شهادته فيما لو أفرده، لردت الشهادة فيه، هل ترد شهادته في المضموم إليه؟ فعلى قولين. وهذا أصل في الشهادات.

ومن صوره أنه إذا شهد بمال مشترك بينه وبين شريكه، فشهادته فيما يدعيه لنفسه مردودة، وهل تقبل شهادته في حصة شريكه؟ فعلى قولين.

فإذا تمهد هذا، وقد نعيده في مسائل الدعوى، إن شاء الله، قال الأصحاب بعده: الوارثان شهدا على الرجوع عن الوصية الأولى، وأثبتا الوصية بالسدس، وتطرقت التهمة في نصف العبد الكثير [القيمة] (١)؛ لأنهما أرادا إبطال الوصية في نصفٍ من غير تعويضٍ ونقلٍ، فكانا جارّين. فأما النصف الآخر من العبد فقد [عَوّضا] (٢) عنه العبدَ القليل القيمة، فكان ذلك نقلاً؛ وقد ذكرنا أن تهمة النقل لا توجب رد الشهادة، لكنهما جمعا بين ما يرد لو أفرد، وبين ما يقبل، فإن رأينا رد الشهادة في الجميع، فالجواب ما ذكره الشافعي من الحكم بإعتاق الجبدين جميعاً، وإن رددنا الشهادة في البعض، وقبلنا في (٣) البعض، فالجواب هو القول المخرج.

وهذا التصرف مضطرِب من الأصحاب، لما ذكرناه في مقدمة المسألة من أن الشهادة، وإن ردت، فكأن الرجوع لم يثبت، وحصول (٤) الوصيتين من غير رجوع عن إحداهما لا يوجب عتق العبدين، هذا وجه الإشكال، ولا يؤثر في هذا ردُّ الشهادة في الجميع أو تبعيض الرد، وتمام البيان وراء ذلك.

١٢١٩٩ - فالوجه عندنا أن يقال: يقرع بين العبدين، فإن خرجت القرعة على الكثير القيمة، عَتَق العبدان، كما قال الشافعي؛ لأنا نبطل الرجوع، والقرعة اقتضت عتق الكثير القيمة، والوارثان يُقران للقليل بأنه العتيق، والعتق مستحق له، فالوجه حمل نص الشافعي على هذه الصورة.


(١) زيادة من المحقق.
(٢) في النسختين: " عوضنا ".
(٣) ت ٥: " من ".
(٤) ت ٥: " وفضول ".