المدعى عليه (١)؛ قد اقررتَ بحقي، فأدّه وسلّمه إليّ، ثم ادعّ ما شئت. فقال المدعى عليه: لا تستحق قبض شيء ما لم تحلف على نفي البراءة، فإن استحقاقك موقوف على نفي البراءة.
فالذي ذهب إليه الأصحاب أن المدعي لا يملك المطالبة بتوفية الحق ما لم يخرج عن عهدة دعوى الإبراء؛ بأن يحلف على نفيه. وقال القاضي: له أن يلزمه المال قائلاً: قد انتهت الخصومة الأولى بإقرارك، ولزمك توفية ما ثبت عليك، فوفّني حقي، ثم افتتح خصومة تريدها.
ولا خلاف أن المخاصِم لو كان وكيلاً، وكان الموكِّل غائباً، فادعي خصم الوكيل أن موكّله قبض الحق منه، ولا سبيل إلى تحليف الوكيل، فالخصومة لا تتوقف إلى حضور الموكل من مكانه الشاسع. هذا وجه التردد في الدّين.
فأما الكلام في دعوى العين، فإذا أراد المدعى عليه أن يقيم بينة على أنه اشتراها من المدعي، فللمدعي أن يقول عند القاضي: أزل يدك وردّ الدار إليّ، ثم ادّع الشراء وأثبته، وعلى هذا الأصل خرج جوابه.
وعند الصيدلاني وغيرِه: إذا حضرت البينةُ لم نُزل يدَه، فإن استحقاق المدعي في الحال لا يتحقق مع تقدم شراءٍ منه، فهذا مقام يجب التنبه له.
ولو قال المدعى عليه: اشتريت هذه الدارَ منك، وفرّعنا على ما ذكره الصيدلاني من أن بينة الشراء لو كانت حاضرةً، لسمعناها، ولا نبتدر يدَه بالإزالة. فعلى هذا لو قال: لا تزيلوا يدي وأمهلوني ثلاثة أيام لأقيم بينةً على الشراء، فلا نمهله بلا خلاف، إذا أقام المدعي بينة على الملك المطلق.
١٢٢٢٠ - ومن الأصول الجلية التي لا تخفى على الشادين لو ذكرت لهم، وهى تثير في مجاري الكلام إشكالاً، أن من أقر لإنسان بملك مطلق، أو بملك مترتب على سبب، مثل أن يقول: كانت الدار ملكي، فبعتها من فلان بيعاً صحيحاً، فإذا صح الإقرار، فحكمه مستمر على طوال الأمد، ومهما ادعى المقر الملكَ في ذلك المقرّ
(١) المراد (المدّعي الأول) ولكن سمي مدَّعىً عليه، لأنه ادّعى عليه أنه أبرأه، فمن هنا صح قوله: " قال المدعى عليه: أقررتَ بحقي ".