للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومن أصحابنا من قال في المسألة التي نحن فيها بيّنة المكتري أولى؛ لأنها تشهد بالزيادة. وهذا كلام سخيف، وأول ما يلزم عليه أن يقال: إذا لم تكن بينة، وتحالفا، يقع القضاء لمن يدّعي الزيادة، ثم البينة إنما ترجح بالزيادة، إذا كانت الزيادة في ظهور الصدق، لا في المشهود به.

١٢٢٤٤ - ثم ذكر ابن سريج صورة أخرى في التنازع في الكراء. فقال: إذا قال المكري: أكريتك هذا البيت بعشرين، وقال المكتري: بل اكتريت جملة الدار بعشرة، فإن قلنا بالتهاتر، لم يخف التفريع، ورجعا إلى الاختلاف في مقدار المعقود عليه. وإن قلنا بالاستعمال، فقول القرعة على ضعفه جارٍ.

قال ابن سريج: أجرى بعض الأصحاب قولاً آخر في الاستعمال يضاهي القسمة، وليس بقسمة، فقال: لو ادعى المكري زيادة في الأجرة، ونقصاناً في المستأجَر، وادعى المكتري زيادة في المستأجَر ونقصاناً في الأجرة، فنجمع بين القولين ونثبت الإجارة في الدار أخذاً بقول المكتري، ونلزمه عشرين درهماً أخذاً بقول المكري، ونقول: الدار بعشرين. قال ابن سريج: هذا ليس بشيء؛ فإنه خروج عن مقتضى البينتين جميعاً. والأمر على ما قال. وعزُّ الفقه وشرفُه في الاقتصار على مسالكه مع التزام الجواب عن كل واقعة، فإذا فتح الإنسان أبواب الوساوس، تباعدت مذاهبه تباعداً يضله عن سواء الطريق، فحق مثل هذا ألا يتمارَى في بطلانه.

فصل

[قال]: " ولو ادعى داراً في يدي رجل، فقال له: ليست بملكٍ لي، وهي لفلان ... إلى آخره " (١).

١٢٢٤٥ - هذا الفصل غمرة الكتاب، وكم فيه للفقهاء من اضطراب، وجيئةٍ وذهاب، وسبب ذلك أنه أصلٌ بنفسه، يجب أن يصرف إليه الاهتمام على الوجه الذي يصرف إلى الأصول.


(١) ر. المختصر: ٥/ ٢٦٢.