قال قائلون من أصحابنا: هذا يخرج على أن يمين الرد تنزل منزلة الإقرار أو منزلة البينة: فإن نزلناها منزلة الإقرار، ففائدتها التزام المدعى عليه القيمة.
وإن قلنا: يمين الرد كالبيّنة، فمن الأصحاب من رأى استرداد الدار من المقرّ له الأول، كما لو أقام المدعى البينة، وهذا يقع في المنزلة الثانية من المنازل التي ذكرناها في يمين الرد، فإنا حكمنا بها على ثالث.
ومن أصحابنا من قال: لا نزيل يد المقر له الأول، ولكن نقتصر على إلزام المدعى عليه القيمة؛ فإن العين فائتة، فالرجوع إلى قيمتها.
ثم فرّع بعض المتكلفين على الوجه الضعيف شيئاً نوضح بطلانه؛ وقال: إذا استرددنا الدار من الأول، فهل يغرم المدعى عليه للأول قيمة الدار، فإنه يقول له: لو حلفتَ يميناً صادقة، لما استُردّت الدار من يدي، فقد صار نكولك سبباً في إزالة يدي، فعلى وجهين: أحدهما - أنه لا يغرِّمه شيئاً، وهو الأصح؛ لأنه يقول: لا يلزمني أن أحلف لك، وعلى أن لا أقر لغيرك إذا رأيتُك مستحِقاً. والثاني - يلزمه أن يغرم له القيمة؛ فإن الدار انتزعت من يده بسببه؛ والسبب يوجب الضمان كمباشرة الإتلاف. هذا كله إذا أحضرنا المُقَر له فصدق المقر.
١٢٢٤٦ - فأما إذا أحضرناه، فكذب المقِر؛ فقد ذكر الأصحاب أوجهاً: أضعفها - أن الدار تسلم إلى المدعي؛ فإن صاحب اليد ليس يدعيها لنفسه، وكذلك المقر له، فيجب تسليمها إلى من يدعيها لنفسه، وهذا باطل، فإن تسليم الدار إليه من غير بينة، ولا إقرار، ولا ظاهر يد - محالٌ.
والوجه الثاني - أن الإمام يحفظ الدار إلى أن يتبتن أمرُها، ويزيلُ يدَ المقِر عنها، فإن كان للمدعي بينة، أقامها، واستحق الدار، وإن لم تكن له بينة، حفظها إلى أن يتبين أمرَها.
ولو أراد المدعي تحليفَ المقر ليغرمه القيمةَ، لو نكل، وحلف هو، ففيه الخلاف المقدم.
ومن أصحابنا من قال: ترد الدار إلى المقِر؛ فإنه أقر لمن عيّنه. فرد المقَرّ له إقراره فارتد المُقَرّ به إليه.