فإذا تبين ما ذكرناه، بنينا عليه الغرض قائلين: إن حكمنا بقبول رجوع المقر، فلا شك أنا نقبل منه الإقرار للمدعي إذا كُذِّب في الإقرار الأول، فعلى هذا يحلّفه المدعي رجاء أن ينكُل، فيحلفَ المدعي ويستحق الدار. فإن يمين الرد كبيّنة أو كإقرار.
وإن قلنا: لا يقبل رجوعه عن الإقرار، فالدار ليست بحكمه، وهي بمثابة ما لو انتزعها القاضي من يده. هذا كله فيه إذا أقر لحاضر.
١٢٢٤٧ - فإذا أقر لغائب؛ فتعسر مراجعته، ويتعذر وقفُ الخصومة، فلا يخلو المقر إما أن يقيم بينةً أن الدار التي في يدي لفلان -على ما سنوضح وجه إقامتها- أو لا يقيم بيّنة.
فإن لم يُقم على ذلك بينة، ولكنه أقر بها لغائب، فلا يخلو المدعي إما أن يكون معه بينة، على إثبات الملك لنفسه، أو لا يكون معه بيّنة.
فإن لم يكن معه بينة، فالذي قطع به العراقيون أن الخصومة في رقبة الدار موقوفة إلى أن يحضر الغائب. ولو قال المدعي: أحلّف المدعى عليه الذي هو صاحب اليد لا يلزمه تسليمُ الدار إليّ، فإن نكل، حلفت، وأخذت الدار، قال العراقيون: ليس له ذلك ألبتة؛ فإنه أقر للغائب، وإقراره مقبولٌ لظاهر يده، فلا يصير نكوله بعد ذلك مع رد اليمين سبباً في تسليم الدار إلى المدعي، غيرَ أنه لو أراد تحليفه، حتى إذا نكل وحلف المدعي عند نكوله، غرّمه القيمة، فهل [يكون](١) له ذلك؟ فيه الخلاف المقدم.
وقال شيخي أبو محمد وبعضُ المصنفين: إذا لم يُقم المدعى عليه بينة أن الدار للغائب، ولم يكن للمدعي بينة، فقال المدعي: حلّفوه؛ فإنا نحلّفه:" بالله لا يلزمه تسليمُ الدار إليه "، فإن نكل، رددنا اليمين على المدعي، فإذا حلف، سلمنا الدارَ إليه، فإنا لو لم نقل هذا، لدفع كل من ادُّعي عليه شيء الخصومةَ عن نفسه بأن يقر لغائب لا يرجى وصولُه وإيابُه.
ثم قال هؤلاء: لو رجع الغائب، فهو على حجته. فإن صدّق المقِرَّ، فالدار