وهو أن النقل دعوى، والاستصحابُ مقام المدعى عليه. ثم إذا أقاما بينتين، فبينة الناقل تشتمل على مزيد علم، لا تصادمها بينة المستصحِب إلا بالنفي، والشهادة على النفي مردودة.
فصل
قال:" ولو كانت دار في يد أخوين مسلمين ... إلى آخره "(١).
١٢٢٥٩ - صورة المسألة: مسلم له ابنان مسلم ونصراني، فمات، فلا يخفى أن الميراث للمسلم، فإن أسلم النصراني قبل موت الأب، فالميراث بينهما، فلو اختلفا، فقال الابن المسلمُ: أسلمتَ بعد موت الأب؛ فلا حظّ لك في الميراث.
وقال هو: بل أسلمتُ قبل موته، فالاختلاف بينهما على هذا الوجه بمثابة اختلاف الزوجين في الرجعة وانقضاء العدة.
ونحن نسوق الترتيب هاهنا في عرض المسألة، فنقول: لا يخلو إما أن يتفقا على وقت الإسلام، وهما مختلفان في وقت الموت، أو يختلفان في وقت الإسلام، ويتفقان على وقت الموت.
فإن اتفقا على وقت الإسلام، واختلفا في وقت الموت، بأن يحصل الوفاق على أنه أسلم في رمضان، وقال الابن المسلم: مات أبونا في شعبان، فأسلمتَ بعد موته، فلا شيء لك من التركة، وقال الآخر: بل مات أبي في شوال، فإن كان لأحدهما بينة، وقع الحكم ببينته، وإن لم يكن لأحدهما بينة، فالقول قول الابن الذي كان نصرانياً؛ لأنه أنكر الموت في شعبان واستصحب الحياة، والأصل بقاؤها.
فإن أقام كل واحد منهما بينة على وَفْق دعواه، فقد قال القاضي والأصحاب: بينة المسلم أولى؛ لأن معها زيادةَ علم تنقل من دوام الحياة، والميت في شعبان ميت في شوال.
وهذا فيه كلام؛ فإن الذي كان نصرانياً يثبت الحياة في شعبان، والحياة صفة ثابتة